قد يسأل سائل.. كيف للمجتمعات الفوضية أسيرة التعصب بشتى أنواعها وألوانها ان تتحول الى مجتمعات صالحة منتجة تهتم بتطوير الذات من اجل تطوير والارتقاء بالأوطان؟!
قد يكون الجواب بسيطا لكن التطبيق بدايته صعب، وقد يتصوره البعض انه مستحيل في ظل ارتداء المجتمعات العربية ثوب التعصبات القبلية والدينية والمذهبية والفئوية، والتي غالبا ما يسيطر عليها عنصر معرفة كل شيء بجهل، ولكن مع صعوبة التغيير لابد من مكافحة كل الصعوبات للحصول على أمل ينتشلنا من وحل الجهل والتعصب، وهذه الرغبة في حد ذاتها قد تمنحنا طريقا للعمل، ولو للاجيال المقبلة التي قد تقبل التغيير اذا وضعنا أساسا قويا من الآن ونسير عليه لسنوات طويلة الى ان نحصل على نتائج مثمرة.
أولا: لابد ان نعترف بأن التجارب الأوروبية وفي بعض دول شرق آسيا وأميركا خير دليل على أن التغيير من الجهل والتعصبات الى العلم والثقافة والعمل والإنجاز، أمر ليس مستحيلا، بشرط ان نضع خطة وآلية تتناسب مع حالة مجتمعنا للاجيال المقبلة، ولابد ان تكون محببة وجاذبة للاطفال، ونبدأ بها بضمائر تخاف الله على الوطن وعلى مستقبل الاجيال.. كيف يحدث هذا الشيء؟!
يحدث في التنشيط الثقافي من خلال بوابة الرياضة، أي ننشط الجانب الثقافي ونبدأ بالبراعم، طبعا وهذا الأمر ليس سهلا، ولكن لابد من تحبيب الاطفال بالثقافة وعشقها من خلال الاندية، وهذا الأمر يتم من خلال إنشاء مراكز ثقافية تابعة للاندية الرياضية بالتعاون مع الجهات المختصة، ويكون في تلك المراكز متخصصون بمسمى مدربين أو مشرفين ثقافيين، ولابد من إطلاق مسمى «لاعب أو ناشط ثقافي» للبراعم، يتعلم أصول الثقافة، تبدأ بثقافة الولاء وحب الوطن والعمل والانجاز الى الثقافة العامة حسب المراحل العمرية.
وشرط ان تكون هذه المراكز مدعومة من الحكومة دعما لوجستيا بمنح كل ناشط «ثقافي» مكافأة شهرية تتناسب مع مرحلته العمرية والثقافية، وكل المراكز يجب ان تسمى على اسم النادي على سبيل المثال (فريق نادي الكويت الثقافي) وهكذا مع باقي الأندية، وتجري المسابقات بين الفرق الثقافية من خلال (دوري ثقافي) ويمنح البطل كأس الدوري ومكافآت مجزية، والأهم ان يتم تسليط الضوء الإعلامي على المشاركات أثناء منافساتهم ونقل أخبارهم في قناة تلفزيونية وصحف مختصة، فضلا عن نقلها في المحطات الاخرى، واعتقد هنا وباختصار سينشأ لدينا جيل مثقف يعتمد عليه في بناء الدولة، والأهم في أن يجد الشاب مكانا لتفريغ طاقاته الفكرية وصقلها للمصلحة العامة، وحتما هنا ستظهر لنا مواهب كثيرة يكون لها مستقبل باهر.
فرأيي ان من خلال نشر التوعية الثقافية بين الأطفال عن طريق الأندية الرياضية من خلال فرق ثقافية تدخل البطولات، الطريقة الأنسب لاستقطاب الأطفال، مما يجعل اسرهم يدفعون بهم للمشاركة في تلك الأندية الثقافية.
ففي تنشيط الجانب الثقافي لدى الأطفال تنهض الأوطان في جميع الأصعدة وبقاعدة مثقفة لا تقبل إلا بالإنجازات ومحاربة الجهل، وهنا ستتساقط كل التعصبات المريضة التي هي شر الأوطان.
[email protected]