خلق الله الإنسان وفضله على باقي المخلوقات ودعاه إلى أن يعمر الأرض ويعبده وينفذ أوامره ويتجنب نواهيه ولم يخلق الإنسان عبثا، قال تعالى: (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم إلينا لا ترجعون ـ المؤمنون: 115).
وقال تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين ـ الأعراف: 11). وقال تعالى: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلّقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يُرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ـ الحج: 5).
ورزق الله الإنسان بالبنين والبنات وحرم البعض منهم لحكمته سبحانه وتعالى ونظم القوانين الإلهية التي يجب احترامها من الجميع دون استثناء.
فالوالدان يجب عليهما رعاية الأبناء وتربيتهم حتى يصبحوا أمهات وآباء يقومون بواجباتهم مثل والديهم ومن حق الوالدين أن يطيعهما الأبناء ويحترموهما سواء بالقول أو بالفعل ورعايتهما عند الكبر، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الأم بصورة واضحة فهي التي تحمل لمدة 9 أشهر وتتألم أثناء الحمل والولادة وترضع الأبناء لمدة عامين وتسهر على راحتهم وتسعى بكل جهد ليبلغوا ويصبحوا قادرين على القيام بواجباتهم، ولذلك عندما وصى الله سبحانه وتعالى الإنسان بوالديه ذكر الأم وخصها بالذكر ولما تقوم به من أجل الأبناء، قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ـ لقمان: 14).
وكذلك عندما جاء أحد الصحابة الى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك وعندما تساءل ثم من وكان معتقدا ان يقول له زوجتك ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال أبوك فهذا يبين فضل الوالدين على الأبناء خاصة الأم لأنها هي التي تتعب وتضحي بحياتها من أجل رعاية أبنائها ولذلك فكما قيل ان الجنة تحت أقدام الأمهات، قال تعالى: (وبرّا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ـ مريم 32). إن الله سبحانه وتعالى أمر الإنسان أن يحسن الى والديه ويصاحبهما في الدنيا ويطيعهما فيما يرونه مناسبا له إذ أن لديهما الخبرة الطويلة في الحياة ولا يكون عاقا لهما فالعقوق حذرنا منه الإسلام لأن عواقبه وخيمة والعقوق يكون بالنظرة إن كانت نظرة سوء أو عدم احترام أو بالقول سواء كان القول السيئ أو الصراخ وعدم اللين بالقول معهما أو بمقاطعتهما وعدم السؤال عنهما.
قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ـ الإسراء: 23).
إن العقوق يعتبر من الكبائر التي حرمها الله ورسوله لأنه يؤدي الى القطيعة وقطع الأرحام وكما تدين تدان فالعاق لوالديه يرزقه الله سبحانه وتعالى أبناء عاقين وقد حرم الله عقوق الوالدين لأن فضل الوالدين كبير خاصة الأم التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وخصها بالذكر بالقرآن الكريم، لذلك أرجو من الجميع ان يراجعوا حساباتهم ويراقبوا أعمالهم وعلاقاتهم مع الوالدين خاصة أمهاتهم ويصلحوا ما أفسدوه من علاقات مهمة في حياتهم مع والديهم حتى لا يعاقبهم الله أشد العقاب فإن الله ليس غافلا عما يفعلون، قال تعالى: (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ـ المؤمنون: 17)، وقال تعالى: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ـ إبراهيم: 42).