لا حديث لوزارة الصحة ولا للدواوين الآن سوى عن تسونامي الصحة وقرارات الإحالة إلى التقاعد التي أعلنت عنها الوزارة وطالت معظم الإدارات، ومن المضحك أن بعض من أحيلوا للتقاعد كانوا مستشارين يأخذون رواتبهم ومميزات الوظيفة دون أن يداوموا وكأنهم يعملون في شركات عائلية، بعضهم قام بالعديد من الواسطات حتى لا يحال للتقاعد بعد أن كان يستمتع بالمنصب فهو وجاهة وتسلط ومميزات ظاهرة وباطنة، والبعض الآخر رضي بقضاء الله وكان يستعد لمرحلة جديدة من العمر، والبعض شطح خياله ليؤلف قصصا ومسرحيات عن إنجازات وهمية ينسبها لنفسه وأنه مكتشف الفساد وضميره كان يقظا في مكان عمله.
وقد كشفت تداعيات القرارات عن أنماط متعددة من الشخصيات والسلوك الإنساني والبشري وكأن وزارة الصحة بكل قطاعاتها أصبحت مسرحا كبيرا أو «سيرك» وتحت خيمة كبيرة أو «كرنفال».
وعموما التقاعد هو سنة الحياة ومن يلتصق بالمنصب دون إنتاج ودون مبرر يجب أن يرحل ليفسح المجال لغيره ولنفسه ليستريح حتى لا يكبد ميزانية الوزارة والدولة الكثير من الأموال دون إنتاج ودون جدوى.
وقد تكون القرارات غير المسبوقة في «الصحة» بمنزلة صدمة لم نتعود عليها بهذا الحجم، ولكن الصدمات ليست ضارة دائما ولكن المهم الآن أن يستريح من خرج ويعيش في سلام مع نفسه، وأن يكون الشباب ممن أتاح لهم القرار الجديد الفرصة على قدر المسؤولية وأن تتعافى وزارة الصحة من الزهايمر وتصلب الشرايين واضطراب الطمث الذي لم يفلح المستشارون في علاجها منها بالرغم من مميزاتهم ورواتبهم طول فترة تواجدهم في عملهم.
التسونامي جاء متأخرا بعد أن شارف المريض على الرحيل وفتكت بالجسم الطبي العديد من الأمراض أو المتلازمات المرضية ونهشت الواسطة والمحسوبية والفساد في لحم وعظام الجسم الطبي وأصابت الغرغرينة أطرافا متعددة بسبب تقدم الحالة وإهمال العلاج وسوء التشخيص.
وفي الختام أشكر كل من رحل، وتمنياتنا بالتوفيق لكل من سيتحمل المسؤولية على ألا يتورط في أخطاء من سبقوه وأن يدرك بنفسه ويقرر بشجاعة موعد الرحيل حتى لا نحتاج إلى تسونامي آخر.