من أهم الإرشادات والنصائح التي يقدمها الأطباء للوقاية من أمراض القلب هي ممارسة النشاط البدني بانتظام يوميا لمدة لا تقل عن نصف ساعة، ولكنني أضيف اليها وعن تجربة شخصية عشتها بنفسي أن المشي لمدة ساعتين بين أروقة مكتبة الإسكندرية يبعث التفاؤل والأمل والبهجة في النفس ويعزز الصحة النفسية ويجعل الزائر للمكتبة يحلق في أجواء ثقافية وحضارية وتاريخية تمثل دعما نفسيا ومعنويا كبير الأثر للوقاية من أمراض القلب والتوتر والإجهاد.
وقد جمعتني زيارة مكتبة الاسكندرية بالأخت حنان الركاد رئيسة وحدة العلاقات الخارجية والتي كانت نعم الرفيق والصديق إذ قدمت لي جميع التسهيلات لإتمام الزيارة والتمتع بالمبنى المبهر للمكتبة بعد إعادة تشييدها في أكتوبر عام 2002، حيث كان الملهم لإنشائها من قبل ديمتريوس الفاليري (350-280 ق.م.) وأسعدني أن أتجول في المكتبة التي تحتل بناء معماريا يستحق الدراسة والتأمل بما في ذلك المعاني التي يعبر عنها المبنى والتي تؤكد على قيم السلام والتفاهم والتواصل الإنساني بين الشعوب.
وبالرغم من بساطة المبنى من الناحية المعمارية إلا أن الأبعاد الثقافية والفكرية تعني الكثير، وقد توقفت لفترة طويلة أمام براعة التصميم وبساطته والإضاءة الطبيعية والمكتبة القادرة على استيعاب ملايين الكتب بالإضافة إلى المتاحف والقبة السماوية والمكتبات المتخصصة والمعارض الدائمة، كما تستضيف المكتبة عددا من المؤسسات من مختلف دول العالم.
وأثناء تجولي بالمكتبة فقد سعدت بمشاهدة صورة تاريخية تجمع أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، طيب الله ثراه، مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات، كما شاهدت العديد من الصور التاريخية، ومن بين الإهداءات التي حظيت بها من الأخت حنان كتابا قيما عن اليخت الملكي المحروسة والذي استخدمه الخديو إسماعيل عند افتتاح قناة السويس سنة 1869 وما زال حتى الآن في عهدة البحرية المصرية، وصار مزارا لكبار ضيوف مصر.
وكشفت الصور التاريخية المنشورة في الكتاب عن زيارة الأمير عبدالله المبارك نائب الحاكم العام في الكويت برفقة الرئيس محمد أنور السادات لليخت المحروسة عام 1956، كما أظهرت الصور زيارات قام بها الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود وبعض القادة والزعماء لليخت.
وعادت بي الذاكرة إلى زيارتي السابقة للإسكندرية تقديرا لي من الكويت لتفوقي في المرحلة الثانوية، وتمنيت أن تضع وزارة التربية الكويتية مبادرة لتشجيع المتفوقين باستضافتهم في زيارة لمكتبة الإسكندرية للاطلاع على ذخائر الكتب ولتنمية الإبداع الفكري والعلمي، وليكون لدينا أجيال جديدة من المثقفين ولينهلوا من منابع التاريخ والحضارة التي نعتز بها جميعا.
وكلمة شكر لا تكفي للتعبير عن مدى إعجابي وسعادتي وتقديري للأخت حنان الركاد ولأسرة مكتبة الإسكندرية الذين أحاطوني بالحفاوة والرعاية والإهداءات القيمة مثل متحف الآثار الذي يحوي صورا لمقتنيات المتحف وأشهرها التمثال النصفي للفيلسوف اليوناني سقراط وكتاب تأملات حول البناء المعماري لمكتبة الاسكندرية للدكتور اسماعيل سراج الدين وكتاب رحلة الكتابة في مصر باللغة الإنجليزية لخالد عزب وأحمد منصور بالإضافة إلى القرص المدمج الغني بمحتوياته الثقافية والتاريخية، وأتمنى من الجميع أن يبادروا لتعزيز صحتهم النفسية والجسدية والروحية بزيارة مكتبة الإسكندرية التاريخية للتحليق في أجواء المعرفة والثقافة الرفيعة.
وقد اختتمت زيارتي بصورة تذكارية مع اللوحة الرخامية لإعادة بناء المكتبة والمحفور عليها اسما الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وزوجته سوزان مبارك فهما يستحقان العرفان والتقدير والوفاء لجهودهما وإنشائهما هذا الصرح الثقافي التاريخي.