قال تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ـ البقرة: 197). الحج فريضة فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده القادرين على ادائها فمن ينوي الحج فما هي استعداداته لهذه الفريضة؟ هل الاستعدادات هي بتوفير المال الكافي للحملة التي سيقوم بالحج معها؟ وهل الاستعدادات هي بتجهيز ملابس الاحرام والمستلزمات التي يحتاجها اثناء تأديته الفريضة؟ وهل الاستعدادات هي بالإعلان في الصحف وللأصدقاء انه سيذهب للحج؟ لا ثم لا، ان الاستعدادات للحج هي اكبر من هذه الامور، اذ ان من ينوي الحج يجب في البداية ان يخلص النية بالتوبة الصادقة والابتعاد عن كل ما يغضب الله عز وجل ورسوله الكريم. وكيف تكون النية؟ تكون النية بقضاء الأمانات الى اهلها والصدق وتجنب الكذب في جميع الأمور وتجنب تلفيق التهم للأبرياء والابتعاد عن ظلم الضعفاء. فالذي ينوي تأدية فريضة الحج يجب ان يغسل ذنوبه كلها ويبتعد عن اذى الناس قبل مقابلة الله، وان من يعتقد انه بعد الحج سيرجع كما ولدته امه وخاليا من الذنوب، فذلك لا ينطبق على من يظلم ويبطش ويسبب الأذى للضعفاء ومن ثم يذهب للحج ليغسل ذنوبه ليعود مرة اخرى لنفس اعماله السيئة التي تغضب الله سبحانه وتعالى وترفضها العقيدة الاسلامية. ان الله سبحانه وتعالى دعانا الى الحج لمن استطاع اليه سبيلا ولكن شدد على ضرورة مساعدة الضعفاء وشدد على الابتعاد عن الظلم اذ ان الله سبحانه وتعالى ليس بظلام للعبيد. قال تعالى: (من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ـ فصلت: 46).
لذلك ادعو من ينوي الحج الا يستخدم ذلك كوسيلة للدعاية عن نفسه انه سيحج فيجب ان تكون هذه العبادة نابعة من الايمان وليس للتباهي بذلك امام الناس ويجب اخلاص النية لله سبحانه وتعالى بالتسامح مع كل من سبب لهم الأذى سواء بالقول او بالعمل ويطلب السماح من كل من ظلمهم وحاول تدمير حياتهم بآرائه وقراراته التعسفية وارجاع الحق لكل من قطع رزقه لأن الرزق بيد الخالق وليس بيد المخلوق ومحاسبة النفس على كل ما فعله وتلفظ به على الجميع من البشر والتوبة الصادقة باخلاص ومعاهدة الله بعدم العودة الى كل الامور التي اجراها من ظلم او تعسف او اذى للآخرين. قال تعالى: (انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ـ النساء: 17).
والتوبة يجب ان تكون قبل التوجه للحج ليقبلها الله سبحانه وتعالى ويتوب على الحاج قبل الحج ليكون حجمه كاملا. قال تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك اعتدنا لهم عذابا أليما ـ النساء: 18). فالحج هو فريضة فرضها الله سبحانه وتعالى ويجب التحضير لها ليقبلها الله سبحانه وتعالى وليرجع الحاج كيوم ولدته امه ولا يعود لأي عمل قد يؤدي الى غضب الله عز وجل