التطعيم هو من الإنجازات التاريخية في عالم الطب، إذ نجحت النظم الصحية في التخلص من الأوبئة مثل الجدري والدفتيريا وشلل الأطفال، بل ان معظم الدول قد تخلصت من الحصبة والحصبة الألمانية أيضا. وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن هناك تطعيمات روتينية تعطى للأطفال منذ الولادة وتوجد حملات إضافية للتطعيم لتقوية المناعة ولمنع انتقال العدوى من أي وباء إن كان متفشيا. وعندما اطلعت على تقارير مكافحة الفساد والتعليقات عليها، فإنني أخشى من وباء الفساد وانتشاره في البلاد لخطورته، حيث انه أخطر من وباء الجدري وشلل الأطفال والكوليرا، لأن الفساد يعصف بالدول والأنظمة ويدمر الأخضر واليابس، وان لم يتم التصدي له بحملات منظمة وفعالة فإنه سيؤدي إلى اختلالات المجتمع وأنظمته، وتمنيت أن نقوم بحملة وطنية لمكافحة الفساد والتطعيم له ولكن لا يتم تنفيذ هذه الحملة من قبل وزارة الصحة بل نبدأ بكل بيت وكل مدرسة وكل مسجد حتى يتعلم المواطن أن يكون غيورا على المال العام وتتكون لديه مناعة قوية ضد الفساد، وهذه الحملة يمكن تنفيذها بمشاركة جميع وسائل الإعلام والابتعاد عن شبهة تضارب المصالح والتنفيع.
إن حملة مكافحة الفساد لابد أن تكون منظمة ويشارك بها جميع مؤسسات الدولة سواء كانت حكومية أو قطاع خاص أو مؤسسات المجتمع المدني لنفخر بإنجازاتنا ونتصدى جميعا لوباء الفساد بكل أشكاله وأنواعه، ونجاح هذه الحملة يستند إلى الإخلاص والإرادة ووضوح الهدف ألا وهو الحفاظ على سمعة ومصلحة الوطن.
إن هذه الحملة لا يمكن تنفيذها إلا بعد تضافر الجهود من الجميع والتعاون وضرورة الالتزام بالقوانين في الدولة وعدم تجاوز أي قانون في الدولة إلا بالحق والكشف عن كل فاسد وعدم التراخي معه حتى يدوم الأمن والأمان في بلدنا الحبيب الكويت، ولابد من مصادرة الأموال والممتلكات التي أخذها أي فاسد دون وجه حق ليكون عبرة للآخرين بعدم تجاوز القانون وعدم الحصول على ما ليس له حق فيه، وقد يكون من حق المواطنين الآخرين. لابد من قرارات صارمة للقضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين حتى تكون الحملة ناجحة ومستمرة على مر الزمان، لأن الفساد ان لم تتم محاربته الآن فسيقضي على البلاد وعلى التنمية وتتراجع الثقة بالمؤسسات الحكومية ويدوم الفقر ويصبح الإنسان بلا حقوق وتتراجع مستويات العدالة الاجتماعية، ما يهدد السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي.