عندما أتابع أخبار مجلس الأمة وما تتناقله وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي عما يدور تحت قبة قاعة عبدالله السالم وعن ممارسات ومشاحنات المجلس مع الحكومة وتكتيكات الحكومة أمام المجلس أسجد لله شكرا على نعمة الديموقراطية في بلدي وهي ديموقراطية غير.. لأنها ليست نتيجة صراعات حزبية أو ايديولوجيات مستوردة أو تحركها أجندات خارجية ولكن ما يطرحه نواب الأمة لا يخرج عن اهتمامات ومعاناة المواطن وحقوقه المشروعة من الدولة والمحافظة على ثروتها ومقدراتها وما يحلم به المواطن للحصول على حقه في التنمية.
وعلى الرغم من حدة الطروحات واختلاف الاتجاهات فلم نر أو نسمع في قاعة عبدالله السالم ما قد يفسر على أنه صدى لأجندات أجنبية، وعندما أقرأ فحوى الأسئلة البرلمانية من نواب الأمة والتلويح بالاستجوابات وممارستها بالفعل أشفق على أي وزير لا يمتلك مهارات سياسية ولا يعرف كيف يتعامل بشفافية وموضوعية مع الهجمات الرقابية من أعضاء المجلس لأن بعض الوزراء ليس لديهم أي مهارات سياسية.
وعندما أتساءل كيف سيكون الوضع بدون مجلس الأمة ونواب الشعب فإنني أحمد الله على نعمة الديموقراطية الفريدة لدينا عن غيرنا في المنطقة المحيطة بنا إذ إنها هي التطعيم الواقي من الانفراد بالسلطة أو تغول السلطة التنفيذية بقرارات متسرعة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب للمواطن إذا لم تراقب السلطة التشريعية بأمانة وموضوعية ما تقوم به السلطة التنفيذية.
ولكن من المقلق أن بعض الأسئلة البرلمانية أو تصريحات بعض النواب قد تفوح منها روائح الشخصانية والتعرض لأمور شخصية أو التدخل في الخصوصية وهو ما يفسد أدوات الرقابة لأهدافها التي وضعت من أجلها.
أتمنى من نواب الأمة في عطلة المجلس بعد فض دورة انعقاده الحالية أن يحافظوا على نقاء الديموقراطية الكويتية وأدواتها الفعالة وأتمنى على الوزراء في هذه العطلة أن يراجعوا كل ما طرحه نواب الأمة من أمور وسلبيات تتعلق بأداء وزاراتهم ويقوموا بتصحيح المسار التنفيذي وألا تختفي روح المودة بين السلطتين ليحافظوا على تجربتنا الديموقراطية التي ستصبح تحت المجهر والمتابعة من كل دول العالم بعد أن فازت الكويت بعضوية مجلس الأمن بأغلبية ساحقة وأصبحت في الصفوف الأولى بالمجتمع الدولي، ومن ثم فإن علينا جميعا أن نظهر للعالم ولأنفسنا أننا نستحق الديموقراطية وقادرون على ممارستها بمهنية وبمهارة وسط أجواء وظروف دقيقة تمر بها المنطقة والعالم بأكمله ولا تخفى على أحد، حيث إن غياب الديموقراطية أو سوء ممارستها يفقد أي دولة الاحترام في المجتمع الدولي ويجعلها هدفا للإعلام الدولي والانتقادات الخارجية بل ويؤثر على مكانتها الاقتصادية ويعرقل طموحاتها، لذلك فإن الديموقراطية لا تقبل التراجع أو الممارسة غير الناضجة أو غير المسؤولة.