ارتبط الرداء الأبيض بمهنة الطب وملائكة الرحمة، حيث إن اللون الأبيض يعني النقاء والعطاء المتجرد وارتبط أيضا بالحكمة، فقد كان الطبيب قديما يسمى حكيما وكانت له منزلة اجتماعية متميزة في المجتمع ليست بسبب ثروته أو وجاهة منصبه ولكن بسبب دوره في المجتمع وتعامله الراقي مع المرضى وذويهم.
وقد تتناقل مواقع التواصل الاجتماعي بين فترة وأخرى صور بعض الأطباء بدون الرداء الأبيض ويبدو أن خلعهم للرداء الأبيض قد ترتب عليه تخليهم عن دور الحكيم في التعامل مع المرضى، وهذا يعتبر مؤشرا إلى أن مهنة الطب أصبحت تحتاج إلى تدخل طبي أخلاقي ليعيدها إلى سابق عهدها من الحكمة ويعيد لها احترامها وتقديرها من جانب المجتمع.
وأتذكر عندما كنت أدرس في كلية الطب فقد كانت الإرشادات صارمة من أعضاء هيئة التدريس حيث تم التأكيد على ضرورة أن تكون ملابس الطبيب والطبيبة محتشمة وتدعو للاحترام وعدم لبس الجينز للجنسين مع ضرورة الالتزام بالرداء الأبيض وهو رمز المهنة.
أما عن حقوق المرضى بالاحترام والاستماع إليهم والتواصل الإنساني معهم فقد كان أحد أهم معايير اجتياز النجاح في الامتحانات، وكم من زميل أو زميلة لم ينجح في الامتحان لفشله في الجانب الأخلاقي لاحترام المرضى عند فحصهم أمام لجنة الامتحان بالرغم من المعلومات الغزيرة وصواب التشخيص لأن الطبيب يجب أن يكون نموذجا إنسانيا راقيا أمام المرضى وأمام المجتمع.
وقد يكون الحل المناسب يكمن في تبني كلية الطب ووزارة الصحة والجمعية الطبية الكويتية لبرنامج تدريبي كامل لتأهيل الأطباء قبل السماح لهم بمزاولة المهنة في الكويت وتعريفهم بحقوق المريض وفي مقدمتها الحق في تلقي المريض الاحترام الكامل من مقدمي الخدمة، كما يجب التشديد على أهمية الالتزام بالزي الرسمي المحتشم للأطباء من الجنسين ومن لا يلتزم بالرداء الأبيض فالأنسب له ألا يمارس المهنة وكذلك فإن ارتداء الجينز والملابس الضيقة وغير اللائقة لا يليق بكرامة المهنة والمنتسبين إليها، وفي حالة مخالفة لوائح أخلاقيات المهنة أو التعدي على حقوق المرضى فلا بد من تطبيق العقوبات المناسبة لإعادة الثقة بالخدمات الصحية من خلال العودة إلى الرداء الأبيض بكل ما يحمله من قيم ومبادئ أصيلة بمهنة الطب والتي يجب ألا تتأثر بالديانة أو الجنس أو الجنسية أو المستوى الاجتماعي سواء للأطباء أو المرضى.