يعتقد كثيرون أن الاعتذار نقطة ضعف لا يجب إظهارها كونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم، ومن هذا المنطلق فإن بعض المكابرين الرافضين للاعتذار هم من الذين يصفون أنفسهم كطبقة مثالية لا تخطيء، وإن أخطأت فهي سامية لا تعتذر لمن هم دونها مرتبة، وهذا يعتبر تكبرا وهو ما نهانا عنه ديننا الحنيف.
الاعتذار هو تعبير عن الشعور بالندم أو الذنب على فعل أو قول تسبب في الألم والإساءة لشخص آخر وهو فعل نبيل وكريم ويعطي الأمل في تجديد العلاقة وتعزيزها وليس دليل ضعف أو فشل.
إن الاعتذار يعتبر ثقافة راقية لا يجيدها الكثيرون بسبب السلبيات التي تجتاحهم ومن يقوم بالاعتذار فإنه يملك الشجاعة والعقل الراجح إذ أن الاعتذار يمثل مظهرا حضاريا وانعكاسا لمستوى النضج والثقة بالنفس.
والاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث ولكنه اقتناع تام بأن هناك خطأ يجب تصحيحه وقد يكون الاعتذار بين صديقين أو زوجين، ففي الصداقة يكون الاعتذار عند الخطأ تجديدا للصداقة ودعما لأواصر المحبة والمودة بين الطرفين، وبين الزوجين فإن العلاقات الزوجية تنمو وتقوى بالرحمة والتسامح، حيث ان الاعتذار ليس عيبا ولكنه شجاعة للمعتذر وقوة وتعني تمتعه بشخصية متكاملة.
وقد تكون نية البعض بالاعتذار صادقة ولكن طريقة اعتذارهم ربما تزيد الأمر سوءا وتتفاقم المشكلة بدلا من حلها وهذا بسبب جهل ثقافة الاعتذار والسلوك الذي يجب اتباعه عند الاعتذار.
والاعتذار له طرق عديدة فإما أن يكون الاعتذار بكلمة آسف وضرورة عدم تبرير الخطأ في ذلك الوقت أو بتقديم بعض الهدايا مثل الزهور أو العطور أو أي هدية بسيطة للتعبير عن الاعتذار او حتى بتقديم كيكة جميلة تحمل عبارات الاعتذار.
إن الخطأ مع الله هو أعظم الأخطاء، حيث يقابله استغفار وتوبة نصوح، حيث ان التوبة تعتبر الأسف والندم مقرونا بتعهد على عدم الرجوع لنفس الخطأ مرة أخرى، والاعتراف بالخطأ فضيلة والاعتذار عنه فضيلة أخرى، وكلاهما يعززان الاحترام والمحبة بين البشر، ويمنع تطور الخصومة إلى جفاء وعداوة.
فمن يعتذر لمن أساء إليه فإنه يساعد نفسه في التغلب على احتقار الذات وتأنيب الضمير ويفتح باب المودة والمحبة ويشفي القلوب من جراحها.
وبعض الناس لا يعتذرون لمن هم دونهم ولكنه يبذل كل ما يملك لمن هم فوقه أو لأي جهة قوية ونافذة، وهذا هو قمة الضعف لأن الخوف هو الدافع للاعتذار، ويعتبر حالة مرضية مستعصية، فالاعتذار الصحيح له بعض الشروط المهمة وأهمها سرعة المبادرة للاعتذار وعدم محاولة تبرير الخطأ والصدق في الاعتذار وعدم التعالي والتلاعب بالكلمات واختيار الوقت والطريقة المناسبتين فليست كل الأخطاء واحدة.
فالاعتذار فن لا يتقنه جميع البشر رغم أنه لا يتطلب علما أو ثقافة كبيرة بل يحتاج شيئا من الأدب والتواضع والقدرة على كبح جماح النفس الأمّارة بالسوء.