تشتد المشاجرات وتطول الخصومات، وتتوالى علينا الهموم، وتقصف بمشاعرنا الأحزان والمواقف الجارحة، وتحبطنا مثاليتنا وتوقعاتنا العالية في الآخرين، ما يشكل صدمة قوية في نفوسنا من سوء خلق بعض الأشخاص وقسوتهم، فكثرة الخلافات ونقل الكلام والقيل والقال ينسف العلاقات ويهدم جسور الحب والوئام ويجعل الحياة صعبة لا تطاق، لكن يبقى التسامح صابون القلوب وبلسم الجروح والمفتاح السحري القادر على فك شفرات الزعل ورش رذاذ الأمل.
التسامح قيمة عظيمة تتجسد في خلقنا الرفيع وتعاملنا الراقي، فأينما ذهب التسامح رافقه الحب والنماء، فالتسامح يصنع التراحم الذي بدوره يولد التقارب والتعايش ونتاجه النجاح والثراء، حيث إنه يصبغ الحياة بصبغة الجمال والسلام.
ويجمع الكثيرون على أن أسمى معاني التسامح هو التسامح مع النفس ومصالحتها والتوازن في تقويمها دون أن تحيد عن جادة محاسبة الذات وتقديرها وذلك في ظلال الكتاب والسنة، والفرق بين المحاسبة والتقدير شعرة رفيعة لا تقطعها بل تعلم هذه المهارة ومارسها باحتراف، فأنت لست مسؤولا عن اصلاح الكون وتصحيح اخطاء الآخرين، فالخطأ خطؤك، فأنت من جعلت من هفواتك وماضيك مرتعا للألم وليس معبرا للعلم والعمل.
علاوة على ذلك فإنه عندما تتصالح مع نفسك وتحبها فسوف يستيقظ عملاقك الذي بداخلك وتتفجر طاقاتك وتستمتع بانجازاتك وحتما ستشعر بالسعادة والفخر بإنجازاتك، وهو ما يترتب عليه إسعاد نفسك والمحيطين بك.
لا تقسُ على نفسك وكن حليما بها، فأنت بشر تخطأ وتصيب وهذه سنة الله في خلقه، والحكيم من تاب إلى الله وصحح أخطاءه واستفاد من تجارب وخبرات الآخرين، فاستعن بالله عز وجل وكن جادا في مسامحة نفسك وتغيير حياتك واستثمار قدراتك والتمييز في انجازاتك، فالمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
ebtisam_aloun@