اسأل .الفقير عن نعمة المال، واسأل المريض عن نعمة الصحة والعافية، واسأل الكفيف عن نعمة الإبصار، واسأل المقعد عن نعمة المشي والحركة، واسأل القلق عن نعمة راحة البال، واسأل اللاجئين عن نعمة الوطن والأمن والأمان، واسأل واسأل.. فالنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ولن نعرف قيمة هذه النعم إلا عندما نفقدها وتزول من بين أيدينا، وذلك بسبب جهلنا وتكبرنا وإسرافنا واغترارنا بأنفسنا ومبارزة رب الأرباب بسيل المعاصي والذنوب.
لم يأت موضوعنا اليوم عن تقدير النعمة وحفظها من عبط، إنما جاء من قلب الحدث، فنحن في شهر رمضان تفرد الموائد وتعمر بما لذ وطاب من الطعام والشراب والهم الأكبر لكثير من البيوت هو الطبخ والنفخ وتحضير أطايب الطعام، وترى الصائمين في البيت الواحد لا يزيدون على 5 أشخاص ولكن السفرة العامرة تكفي لإطعام مجاعة من مجاعات أفريقيا، وهذا هو الطابع العام في هذا الشهر المبارك لكثير من الأسر، فالميزانيات مرهقة، والجهود ضائعة، والأوقات مهدرة في الطبخ وتحضير الطعام، وفي نهاية المطاف مصير هذه الأطعمة صناديق القمامة.
فهل هذا من خلق المسلم؟ وهل هذا من شكر النعم وحفظها من الزوال؟ وهل هذا من سنة وديدن نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
تريث يا عبدالله وتفكر ما الغاية من رمضان؟ هل هو الطبخ والنفخ والتفاخر بالموائد العامرة؟ تريث وتفكر يا عبدالله في بطون جائعة تواصل الليل بالنهار دون أن تدخل في جوفها كسرة خبز؟
تريث يا عبدالله وتفكر في أقوام بطروا وأسرفوا وأعرضوا عن شكر الله فأصابهم الخوف والجوع؟ تريث وتفكر يا عبدالله من غاية خلقك وهي العبادة وليس الإسراف والإعراض؟
تمهل وراجع حساباتك وسلوكياتك، هل هذا هو المطلوب في شهر رمضان؟
سارع يا عبدالله في تقويم المعوج ونبذ العادات البالية في رمضان، فالوقت مازال بين يديك والنفس مازال يصعد وينزل فلا تبالي بما فات من الذنوب فالله غفور رحيم، عجّل وشمّر واعمل على حفظ النعمة بالطبخ دون إسراف، وتوزيع ما تبقى من الطعام النظيف على الأسر الجائعة.
ولا تنسى أن تعود أطفالك على مساعدتك في إعداد الطعام للفقراء، علاوة على ذلك تعويد اللسان والقلب على شكر النعمة وحفظها من الزوال، وترويض النفس على ترك الذنوب والمعاصي.
ebtisam_aloun@