بين الفينة والأخرى تطل علينا تصاريح استفزازية تقلب الطاولة رأسا على عقب، وتشعل النار في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، هنا وهناك تصاريح نارية تستثير المواطن والمقيم وتشغل الشارع الكويتي دون جدوى تذكر إلا التفرقة والتشرذم والفتنة.
لن أتغلغل في دهاليز السياسة ولن أخوض في التنمية والمشكلات العالقة، بل سأتركها لأهل الاختصاص والخبرة، لكنني في مقالي هذا سوف أسلط الضوء على جزئية مهمة وهي تدني لغة الحوار والحدة في النقد بين أفراد المجتمع.
خذ على سبيل المثال لا الحصر حوار القراطيع الذي أحدث ضجة كبرى في الساحة الكويتية وأطلق العنان للسباب والتجريح والاستهزاء، ناهيك عن التشهير والدخول في النوايا واختراق الخصوصيات، فمن المعتاد أن نختلف في آرائنا ومن حقنا أن ننتقد كل معوج يهمنا لكن دون أن نستهزئ ونسخر من بعضنا ونشهر بعوائلنا فذلك ليس من أدبيات الحوار الراقي ولا النقد البناء، ناهيك عن ذلك أنه لا يجوز شرعا ولا قانونا ولا أخلاقا التهكم والشتم والاستهزاء، فاحترام الرأي والرأي الآخر والرقي بالحوار مطلب حضاري لكل مجتمع يتطلع إلى التقدم والازدهار، فبالحوار الفعال والنقد البناء تعالج القضايا والمشكلات وتتلاقح الأفكار والقناعات وتنقل الثقافات ويحدث التقارب بين وجهات النظر في القضايا الشائكة.
والآن وبعد هذه الزوبعة من التذمر والسباب والتحقير والاستخفاف ونشر الغسيل أمام الصغير والكبير والقريب والبعيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، ما الذي استفدناه هل حلت مشاكلنا وجففنا منابع الفساد؟ وهل عجلنا في دوران عجلة التنمية وأنعشنا الاقتصاد؟ وهل قضينا على الفئوية والقبلية وأنقذنا الوحدة الوطنية؟ وهل؟ وهل؟ وهل..؟
مؤكدا أننا لن نخرج من هذا المأزق إلا بفردنة النهضة والاستغراق في صناعة الإنسان والارتقاء بالحوار ومد جسور الثقة بين أفراد المجتمع والسلطة، والموعد هناك في صناديق الاقتراع هي المحك الحقيقي للاختيار فأحسنوا الاختيار.
ebtisam_aloun@