عرضت إحدى القنوات الفضائية لقاء مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح قبل أكثر من 10 سنوات تحدث فيه عن أمور كثيرة، لكن الذي لفت انتباهي هو رده على سؤال المذيعة حول «القات» وجلساته، التي يمضي فيها اليمنيون حوالي 18 ساعة من 24 ساعة، حيث قال «الشاويش»: «إن جلسات القات يتم فيها الحديث عن أمور سياسية واجتماعية تخص اليمن ودول العالم بحضور عدد من كبار المسؤولين في الدولة، حينها سألته المذيعة عما إذا كانت نتائج تلك المناقشات التي تدور في جلسات القات توظف في اتخاذ القرار فأجاب، لا.. وأن ما يتم في جلسات القات لا يعمل به ولا يؤخذ بشكل جدي، ولكن هناك اجتماعات أخرى تعقد في صباح اليوم التالي مع نفس المسؤولين لمناقشة الأمور التي سيتم تطبيقها، بمعنى آخر انه ومسؤوليه يكونون «فوق النخل» في المساء و«الصباح رباح». وهذه الجلسات هي التي أودت باليمن وتدهور حاله بسبب ان جميع مسؤوليه مسطولون ليلا.
وحديثنا هنا ليس عن السياسة أو عن علي صالح نفسه ولكن الحديث عن عبارة «فوق النخل». ففي بداية الثمانينيات كان يدرسنا في الجامعة أستاذ عراقي الجنسية، وكان أحد زملائنا دائم السؤال لهذا الأستاذ عن مستواه العلمي، وكان رد الدكتور الدائم أيضا: «ابني انت فوق النخل»، واستمر هذا السؤال واستمرت الإجابة بنفس الأسلوب الى أن جاء موعد النتائج، وإذا بصاحبنا يحصل على نتيجة «f» بمعنى أنه راسب وبجدارة، فاستغرب صاحبنا من هذه النتيجة، وعند سؤاله للدكتور عن سبب هذه النتيجة وعن كلامه انه فوق النخل، فكان رد الدكتور «ابني انت مو سامع عن النخل الكبير والنخل الزغيرون.. انت فوق النخل الزغيرون».
أما مقولة «فوق النخل» فهي عبارة عن خطأ في السماع تداوله الناس منذ سنوات وأصبح شائعا بينهم، فناظم الغزالي وغيره رددوا هذه الأغنية لسنوات «فوق النخل فوق يابا فوق النخل فوق»، وهذه غير صحيحة، بل الصحيح هو «فوق إلنا خِل» والمقصود بها الحبيب الذي يسكن مكانا مرتفعا وليس كما يقال فوق النخل، فليس من المعقول أن يكون هذا الحبيب «متسمت» وقاعد فوق النخل.
وهناك عبارة أيضا سمعها ورددها معظم جيلنا عبر أغنية لشادي الخليج انتشرت عام 1986 يقول فيها: «يمشي على الدانة»، وهذا اللفظ غير صحيح، لأنه ليس من المعقول أن يكون هناك من يمشي على الدانة «اللؤلؤ»، والصحيح انه «يمشي على إردانه» والمقصود بها القبقب، الذي يسير بشكل جانبي ومتزن، ومن هنا فالسماع الصحيح يولد نطقا صحيحا ولفظا سليما.
[email protected]