مفرح العنزي
في عام 1991 لم تبق دولة في العالم إلا وعرفت الكويت التي ساندتها اكثر من 30 دولة من اجل تحريرها من احتلال اشاوس المقبور صدام، هذا بعد ان كنت بالماضي احاول ان أوضح - لمن يسألني عن مكان الكويت - انها تقع بجانب السعودية وقد عرف العالم عن الكويت انها دولة غنية جدا والبعض يعتقد ان كل مواطن كويتي يمتلك حنفية نفط في منزله ويقوم بنفسه ببيع النفط الى دول العالم.. يا لها من احلام.
تلك هي الصورة العامة عن الكويت في العالم العربي، اما المبالغات الاعلامية فهي كثيرة، منها ما نشر في مجلة نيوزويك قبل بضعة اشهر ان الشباب الكويتي الذي يعمل في تجارة النفط يقومون بقيادة سياراتهم الفيراري واللمبورغيني والـ «رولس رويس» في شوارع الكويت، ومن جانبي اردت ان اكبر هذه الصورة عن الكويت ففي عام 1991 التقيت مع سائح كندي في مدينة بلاك بول شمال لندن وعندما علم انني كويتي خاطبني قائلا: انا سمعت من خلال اعلامنا في كندا ان الكويتي يتقاضى 1000 دولار، وهو في بيته.
فقلت من قال لك هذا؟ ان هذه المعلومة غير صحيحة فقال لي وما هو الصح؟ فقلت له ان كل كويتي يتقاضى 3000 دولار وهو جالس في منزله، فصاح واخذ يقول يا إلهي.. يا إلهي وصب جام غضبه على حكومته التي ارهقتهم بالضرائب.
وقد اصبحت الكويت مضرب مثل في افلام هوليوود ولدى رؤساء العالم الذين يريدون ان يقولوا ان دولتهم ستكون غنية، فعلى سبيل المثال قرأت تصريحا في مجلة المجتمع الكويتية للرئيس الراحل جوهر دوداييف رئيس جمهورية الشيشان الانفصالية، ذكر خلاله ان الشيشان ستصبح اغنى من الكويت، وتصريحا آخر للرئيس الكازخستاني جاء مماثلا لتصريح الرئيس الشيشاني بعد ان تنازل عن الصواريخ النووية التي في بلاده وباعها للولايات المتحدة.
اما الحقيقة التي يعيشها الشعب الكويتي فهي مغايرة تماما للحقيقة العالمية التي تقبع في مخيلة شعوب العالم ورؤسائهم.
مازالت معركة اسقاط القروض دائرة ولا يكاد نائب في مجلس الامة إلا ولبس بشت اسقاط القروض وهاجم الحكومة بكل ما لديه من قوة، ولكن دون جدوى ثم يخلع البشت وقد تمزقت اجزاء منها فيقوم نائب آخر ويدخل عليها عملية صيانة فكرية ثم يقوم بلبسها ويقول لنسقط فوائد الفروض وايضا دون جدوى انها جعجعة بلا طحين ومجهود غير مخلوف التعب وعملية انتهت بنتائج سلبية على المواطن وقد عشت تلك المرحلة مع المواطنين وظهرت اشاعات مفادها ان اسقاط القروض اصبح شبه مؤكد بل انه حتمي قبل المداولة ثم يقوم المواطنون الذين لم يقترضوا ولا يعرفون طريق الاقتراض باقتراض مبالغ كبيرة بهدف اسقاطها فيما بعد، ووصل الحد الى ان بعض البنوك العريقة رفض اقراض المواطنين لأن الميزانية المخصصة للاستثمار في القروض اصبحت فارغة على يد المواطن الحالم بإسقاط القروض.
وحتى هذه اللحظة لايزال مسلسل الضحك على الذقون قائما، وقد اصبح كالمسلسلات المكسيكية التي لا نهاية لها.
وبالمقابل والحمد لله لايزال الضحك على الإعلام الدولي قائما ولايزال ينقل صورة الشعب الكويتي الغني بنفطه.
ولايزال الكويتيون المقترضون والاعلام العالمي يعيشون في دائرة مغلقة من الوهم ولاتزال ادارة التنفيذ بوزارة العدل تطالب بزيادة كوادرها من الموظفين بسبب كمية الاحكام القضائية الصادرة بحق 250 ألف مواطن (ضبط واحضار) وهذا بحسب الزميلة «الوطن» بتاريخ 25 مايو الماضي والقائمة في تجدد دائم.
ولايزال الشباب الكويتي (تجار النفط المزعومون) يرهقون ميزانية عوائهم باستئجار هذه السيارات الفارهة.
تلك هي حقيقة الكويت واغنيائها المزعومين دوليا والفقراء محليا.