مفرح العنزي
في القرن الثامن قبل الميلاد ازداد عدد السكان في المدن الاغريقية وهذا العدد المتزايد من السكان كان بحاجة الى موارد جديدة فاتجهت جيوش الاغريق نحو البحر ونجحت الدولة الاغريقية في بناء مستعمرات لها في آسيا الصغرى وصقلية وشبه الجزيرة الايطالية وحتى افريقيا الا ان دولة اسبرطة كانت محصورة بين الجبال فقام الاسبرطيون بغزو المدن المجاورة لهم وبما انهم قلة مقارنة مع المدن التي تم فتحها من قبل اسبرطة اذ كانت النسبة بين المحتل والغزاة 1: 10 وقد خشي الاسبرطيون من الانتقام الرهيب الذي قد يتعرضون له من قبل المدن المجاورة التي تم احتلالها من قبلهم.
وقد حاول الاسبرطيون ايجاد حل لهذه الحلقة الضعيفة في دولتهم فوصلوا الى نظرية مفادها «خلق مجتمع مكرس لفن الحرب والقتال حتى يصبح الاسبرطيون اقوى واصلب واشرس من جيرانهم» ووجدوا مع الوقت ان هذه هي الطريقة المثالية لضمان استقرارهم وبقائهم في المستعمرات الجديدة.
وقد كان الولد الاسبرطي يؤخذ من امه وهو في سن السابعة ويتم إلحاقه بمعسكرات التدريب على القتال والانضباطية الشديدة ويتم حرمانه من تعلم اي فن آخر سوى فن القتال والاطفال الضعاف البنية كانوا يتركون في كهف في الجبال ليموتوا هناك ولم يسمع في اسبرطة عن أي نظام للمال او التجارة اما الصناعة والموسيقى فقد تركت للعبيد من اجل امداد الجيش الاسبرطي بما يلزمه من الاسلحة والمعدات الحربية.
ووفق هذا النظام المحكم الصارم شكلت اسبرطة اقوى جيش من المشاة في العالم يتحرك ضمن نظام عسكري متكامل ويقاتل جنوده بشجاعة منقطعة النظير في ذلك الوقت وذاع صيت الجيش الاسبرطي ووصل الى مرحلة النصر بالرعب قبل النصر بالاشتباك مع الجيش المعادي.
ومرت عقود من الزمن استطاع الاسبرطيون خلالها الحفاظ على وجودهم ووجود مستعمراتهم ولم يكونوا بحاجة الى عملية توسع ميداني جديد وفي الوقت الذي تمسك فيه الاسبرطيون بفن الحرب ظهر نجم جديد يعتمد على فن التجارة، انها دولة اثينا التي خلقت مع فن التجارة فنونا اخرى جديدة لم تكن تملكها جارتهم اسبرطة وقد تنامت تجارتهم وانتشرت عملتهم «مسكوكات البوم» الشهيرة في جميع ارجاء الدول المطلة على حوض البحر الابيض المتوسط واصبحت اثينا تشكل هاجسا امنيا مخيفا على الاسبرطيين ودولتهم المعزولة خلف اسوار فن الحرب.
يتبع ...