منذ أكثر من عشر سنوات تقريبا انتقل حراج السيارات المستعملة الى ساحة ترابية نائية بالقرب من سكراب أمغرة ومدينة الجهراء الشامخة ولو قام أحد القراء بالذهاب الى هذا الموقع لاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ونفث على كتفه الايسر ثلاث مرات ثم صلى ركعتين لوجه الله تعالى وحمد الله على سلامته وحلف يمينا غموسا بأنه لن يذهب الى حراج الكويت الرسمي مرة أخرى لأن الوضع الراهن لهذا الحراج يختلط فيه الحلم بالحقيقة فربما يظن المواطن أنه في إحدى الضواحي النائية في مدينة قندهار الافغانية أو في احدى ضواحي مدينة مقديشو الصومالية بل ويتوقع ايضا ان يخرج عليه من بين الاشجار التي تحيط بهذا الحراج التعيس جيب تويوتا مركوزا عليه رشاش عيار خمسين وقد يطلق النار فجأة على حشود الباعة والمشترين، أما الارضية التي يمشي عليها المواطنون هناك فهي مملوءة ببقايا الزجاج المطحون تحت عجلات السيارات المارة هنا وهناك بهذا الحراج وهذا الزجاج مصدره القناني الزجاجية الفارغة للمشروبات الغازية التي يتم شراؤها عن طريق عمالة آسيوية، تعدت على أملاك الدولة وافترشت الارض لبيع بضاعتها على المارة، أما المسجد الموجود هناك فقد تم تشييده من قبل متبرعين فقراء يعملون بوظيفة (شريطية) وهي مهنة مشابهة لمهنة تاجر الشنطة أي ليس لديهم مكاتب وليس عليهم ايجارات شهرية يدفعونها لصاحب مكتب وتتركز مهاراتهم الميدانية والتجارية في نوع من التمثيليات الوهمية أمام البائع، وذلك من أجل اقناعه ببيع سيارته بهذا الثمن (البخس من حيث الواقع) ويساندهم في مواقفهم الدلالون والذين غالبا ما يتحدثون بلهجة شمالية معروفة باستثناء دلالي السيارات الباهظة الثمن، ومن جهة اخرى تكمن المأساة في مسألة الدخول والخروج لهذا الموقع المنبوذ للحراج فعندما تدخل فإنك ستواجه جبالا من الحفريات أقل بقليل من ارتفاع جبال الهيملايا، بالاضافة الى ذلك فإنك لن تستطيع الوصول الى مركز الحراج الا بعد ان تسير على طريق ترابي طويل مليء بالمطبات، وهنا أنصح اطباء الولادة بأن يستعملوا هذا الطريق لتوليد النساء اللاتي لديهن ولادة متأخرة فهو عند المشي عليه تجده محرضا قويا للولادة والاصعب من هذا كله هي مرحلة الخروج ولا يوجد لها الا طريقان، الاول كان بالقرب من انحناء الطريق بالقرب من وصلة الدوحة السريعة وتم تسكيره بشبك وسياج حديدي مضاد لقذائف اليورانيوم المستنفذ أما الثاني فكان مرتبطا بطريق الجهراء السريع مباشرة وتم تسكيره قبل شهر بواسطة صبات اسمنتية مسبقة الصنع ثم بعد ذلك استحدث رواد هذا الحراج الرسمي للكويت طريقا ترابيا طويلا ومملا، بل ويحتاج الى تجهيزات غذائية لأنه مشابه لطريق سفر القوانيص في البراري ولن يصل مستقل هذا الطريق الى الشارع العام الا بعد ان يصل الى الجسر المنحني الى منطقة الصليبية والمقابل لمنطقة القيروان.
هذه صورة حقيقية ومختصرة للحراج الرسمي للكويت وما لحق به من اهمال حكومي واضح من اجل ارضاء بياعي السيارات الجديدة.
انها حرب بضائع وقع ضحيتها الطرف الحكومي والمواطن ايضا الذي وجد نفسه مجبرا على شراء سيارة بضعف سعرها مرتين ولا يذهب الى حراج الدولة المزعوم أو الحراج الصوري للدولة أليس حراج السيارات المستعملة حقا من حقوق المواطن ذي الدخل المحدود؟ أم أنه ليس له سوى بيت ذوي الدخل المحدود ويجبر من خلال هذا الاهمال الحكومي على شراء سيارة لا تتناسب مع دخله؟ أم ان هذا الامر وضع للمواطنين من اجل زيادة عدد المتعسرين واعطائهم الوعود لإسقاط الفوائد؟ لا أعلم ولكن ما أراه هو وضع غير طبيعي وغير صحي صحيا واداريا.