طالعتنا وسائل الإعلام بالتهديدات المتبادلة بين سورية وإسرائيل، مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل فقدت شيئا كبيرا من قدراتها العسكرية البرية في ظل تفوقها الجوي ومما يؤكد ذلك هو النصر الذي حققه حزب الله على الجيش البري الإسرائيلي عندما استطاعت الميليشيات اللبنانية المقاتلة تحت راية حزب الله صد الهجوم الإسرائيلي الذي ربما كان متجها الى بيروت كما حدث عام 1982 عندما اجتاح الجيش الإسرائيلي الجنوب اللبناني وتمركز في بيروت إلا انه خسر في هذا الاجتياح أعدادا كبيرة من مقاتليه تفوق الأعداد التي خسرها في حروبه النظامية مع الجيوش العربية، ويبدو من خلال الدروس المستفادة من حرب حزب الله مع الجيش الإسرائيلي وكذلك حرب غزة أن عقدة الجيش الإسرائيلي ومصدر قلقه هو أن يواجه حرب مدن جديدة.
ومما لا شك فيه أن التهديدات الموجهة الى سورية من قبل إسرائيل هي تهديدات جدية لكنها لن تصل الى تفريغ مضمونها على أرض الواقع، فسورية دولة ذات بعد جغرافي ومقدرات قتالية عالية وجيش مدرب وأسلحة متطورة باستثناء الغطاء الجوي الذي تتفوق به إسرائيل، ومع ذلك لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهل الصواريخ السورية بعيدة المدى المتمثلة في صواريخ سكود والتي يصل مداها الى 300 كيلومتر وهذا يعني ان هذه الصواريخ قادرة على النيل بكل سهولة من جميع المدن الإسرائيلية في حالة اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وعلى أية حال يقال انه لا يوجد أحد منتصر في أي حرب، بمعنى أن الدمار سيشمل جميع أطراف الصراع وهذا ما لا نتمناه أن يحدث لأن وقود هذه المغامرة سيكون من الأبرياء والأطفال والنساء الذين لا يعلمون مواعيد سقوط الصواريخ على مدنهم، ولتفادي هذه الاحتمالية التعيسة علينا أن ندرك أن الاتجاه نحو السلام هو الحل المثالي الذي يحول بدوره دون عملية سفك الدماء فحروب اليوم أشد وأفنى من حروب الأمس وهذا يعود الى التطور الذي لحق بالأسلحة التقليدية وغير التقليدية والتي تمتلكها جميع أطراف الصراع. فلا للحرب، ونعم للسلام، ولننس موضوع التهديدات التي قد تقودنا الى ما لا يحمد عقباه إنسانيا واقتصاديا وعمرانيا وبيئيا.