بعض الاعمال الدرامية التي تعرض هنا وهناك احداثها السطحية «تقتل» المشاهدين اكثر من مرة، حتى وان قطع المشاهدون عهداً بألا يشاهدوها فإنهم ينسون وعودهم وكأنهم يتلذذون بعملية القتل النفسي الذي تسببه لهم سطحيتها رغم صرف مبالغ باهظة عليها!
وهذا الامر يذكرنا بقصة الفلاح المحتال الذي ضحك على احد الاغنياء واصدقائه عندما زاروه في بيته ولم يكن موجودا فاستقبلتهم زوجته، وعندما رجع للبيت رأى الغني واصدقاءه فقال لزوجته: ألم تضيفي الرجال، فردت عليه: هؤلاء ضيوفك فقم واعمل الواجب معهم، فغضب الفلاح وأخرج سكينا من جيبه وطعن زوجته وأخذت الدماء تسيل منها.
فقال الغني: هل انت مجنون تقتل زوجتك لأنها لم تحسن ضيافتنا!
فقال: هي كذلك كلما تنرفزني أقتلها!
فقالوا: وهل قتلتها من قبل؟
قال الفلاح: نعم، فضحكوا وقالوا له لاشك انك مجنون كيف قتلت زوجتك من قبل؟!
فأخرج من جيبة «صفارة» وأخذ يصفر بها فقامت الزوجة وكأنها لم تقتل، فتعجب الغني واصدقاؤه وقال له: اريد ان اشتري الصفارة، فقال له الفلاح بـ 10000 دينار ذهب، فوافق الغني وذهب هو وأصدقاؤه، فقال له صديقه: اريد ان اجرب الصفارة مع زوجتي!
فأعطاه الغني «الصفارة» وبالفعل قتل الرجل زوجته وأخذ يصفر الليل كله ولكن لا حياة لمن تنادي!
وفي الصباح قال الغني لصديقه: ما أخبار الصفارة؟ فقال الصديق: «انها عجيبة» رغم انه قتل زوجته ولكن لا يريد قول ذلك حتى لا يفتضح امره.
فقال له الغني: سأستعملها اليوم، وطبعا تكررت المأساة وأخذ التاجر «الصفارة» وذهب الى زوجته واختلق معها مشكلة وقتلها وأخذ «الصفارة» يصفر بها ولكن للأسف!.
وذهب الى اصدقائه وأخبرهم بالأمر فقال له صديقه زوجاتنا متن ولم يعدن للحياة بـ «الصفارة» كما اخبرنا ذلك الفلاح المحتال ويجب علينا ان نسكت حتى لا يسخر منا اهل القرية!
بعض أعمالنا الدرامية احداثها تشبه احداث هذه القصة، فالفلاح المحتال ما هو الا منتج لا يفقه بالمجال الفني ودخله من الابواب الخلفية لكي يسترزق منه من خلال عمل درامي سطحي ابطاله مشهورون ولهم جماهيرهم والرجل الغني واصدقاؤه ما هم الا قنوات فضائية تغريهم تلك الاسماء المشاركة في عمل ذلك «المحتال»، فيقررون شراءه بعد ان يشرح لهم ذلك «النصاب» طبيعة عمله الدرامي الذي فيه فلان وفلان ويعرض لهم بعض مشاهدهم المؤثرة في العمل، وعندما تتم البيعة والمنتج «يقبض فلوسه» يتبخر ذلك المنتج، فتعرض تلك القنوات العمل فيفاجؤون بأحداثه السطحية التي بسببها ابتعد المشاهدون عن متابعته لاحداثه التي قتلتهم، فتعمل تلك القنوات المستحيل لجذب اولئك المشاهدين لهذا العمل وذلك باستخدام »الصفارة« والتي تمثل هنا «عملية مونتاج» جديدة للعمل لعل وعسى ان تعيد لهم مشاهديهم الذين فقدوهم بسبب ذلك «المحتال»!
اخيرا.. المطلوب من القنوات الفضائية التحري عن اي منتج تريد التعاقد معه حتى لا «يقتلوا» مشاهديهم بأعمال هابطة تكبدهم خســـائر لا حصر لها ولا يستطيعون اعادتها بـ «صفارة» منتج محتال!
mefrehs@