قبل بضعة أيام، توقفت في الشارع المقابل للمستشفى الأميري لرجل كبير كان ينتظر من ينقله، سألني أين طريقك؟ فقلت له اصعد وسأوصلك أينما تريد، صعد وطلب مني أن أوصله إلى «الشعبيات» في الجهراء، وهي المنطقة التي يعرفها أعضاء لجنة «المقيمون بصورة غير شرعية» ويعرفون أصحابها ويعرفون مأساتهم حق المعرفة.
رجل في الخمسينيات من عمره، ولا تسل عن حاله وبؤسه وشقائه في بلد الخير.
المهم، أخذ يسرد قصصه ومعاناته، ثم سألني أين أعمل؟ قلت له صحافي في جريدة «الأنباء»، قال ولماذا لا تكتب عن «البدون»، والله اننا نعيش في بؤس ومعاناة لا تنتهي، ثم قال أسألك بالله أن تكتب شكرا ودعاء لسمو الشيخ سالم العلي فقد فرج عني وعن غيري من البدون كربة الفقر أكثر من مرة، أمانة في عنقك أن تكتب هذا الكلام. فإلى سمو الشيخ سالم العلي، دعائي مع دعاء هؤلاء البؤساء لسموك بالصحة والعافية والأجر.
وقبل يومين أيضا، سألتني والدتي يحفظها الله إن كان عندي مال للصدقة من أجل أسرة تقسم والدتي أن الطعام لم يدخل بيتهم منذ يومين، أسرة تقضي في الكويت يومين بلا طعام، أمر مرعب، وشيء يجعلك تخجل من نفسك كلما تأملت في ملابسك وهاتفك النقال وقلمك المذهب وفضلات طعامك التي تكفي لإطعام أسرتين، قد يظن البعض أن في الأمر مبالغة، ولا ألومهم إن كانوا لا يعرفون كيف تعيش آلاف الأسر من البدون، وما هو مصدر دخلهم في بلد يمنعهم من العمل، ولكنهم ملومون حتما إن هم اعتقدوا أن الأموال تخرج على هؤلاء البؤساء من حنفية المياه، وهم ملومون أيضا إن لم يكلفوا أنفسهم عناء مشوار صغير لمشاهدة بيوت «الكيربي» في الصليبية وتيماء ليفهموا بعدها معاناة هؤلاء البشر، وليصدقوا أن في الكويت من ينام يومين بلا طعام، وربما أكثر!
[email protected]