تعمل وزارة الصحة منذ أعوام على تقليص عدة أنواع من الأدوية التي يفترض أن تصرف مجانا للمرضى من صيدلية المستشفى أو المستوصف فيطلب الأطباء من المرضى شراءها من الصيدليات التجارية لأنها لم تعد متوافرة في صيدليات وزارة الصحة، ولا ندري هل تخلت وزارة الصحة عن دورها المنصوص عليه في الدستور حول مجانية العلاج أم أنه نوع جديد من تحالف التجار مع المسؤولين في هذه الوزارة، خاصة أن كثيرا من مسؤولي وزارة الصحة هم تجار أيضا وأصحاب توكيلات لكثير من الأدوية، وفي كل مرة نذهب فيها إلى المستوصف نكتشف أن لائحة الأدوية التي لم تعد وزارة الصحة توفرها ضمن الأدوية التي تصرف للمرضى مجانا في تزايد، حتى وصل الأمر إلى أبسط الأدوية الخاصة بالأطفال وهذا تصرف غريب يتنافى مع أبسط المبادئ الانسانية، فرعاية الأطفال تحتل في كل دول العالم مكانة خاصة وتخصص لهذه المهمة ميزانيات خاصة، بل إن حتى ملابس الأطفال تعفى من الضرائب في الدول الغربية، أما الأدوية فإنها إن لم تكن متوافرة في المستشفيات الحكومية فالطبيب يعطي المريض وصفة خاصة ليحصل عليها من الصيدليات التجارية مجانا حيث تدفع الحكومة للصيدلية ثمن تلك الأدوية الخاصة بالأطفال. والمرء يقف حائرا من تصرف الحكومة بهذه الصورة تجاه تقديم الخدمات الطبية، فإذا تأملنا في أعداد المرضى أو المتمارضين الذين أرسلوا للعلاج في الخارج وتأملنا في تكلفة علاجهم نكتشف أن الحكومة ليست «بخيلة» ويدها ليست مغلولة، إذ تجاوزت تكلفة العلاج في الخارج لعام واحد فقط تكلفة بناء عشر مستشفيات بأحدث التجهيزات، فالمسألة إذن ليست في عدم توافر المال، لكن إذا تأملنا في سياسة وزارة الصحة منذ أعوام حول تقليص بعض الخدمات الصحية المجانية وتقليص عدد الأدوية وإجبار المواطن على شرائها من الصيدليات التجارية في ظل البذخ الصارخ في العلاج بالخارج نكتشف حينها أن المسألة ليست سوى «سوء تدبير» وغياب للحكمة في إدارة شؤون الناس ومصالح الدولة، وهي الصفة التي تطلق عادة على الشخص «السفيه».
قبل أيام توجهت إلى مستوصف القصر بالجهراء، وكان الطبيب المناوب يطلب من الأهالي وضع أطفالهم على طاولة مكتبه ليكشف عليهم على الرغم من أن سرير الفحص خلفه بخطوتين، وكنت أسمع صراخ بعض الأهالي واعتراضهم على هذا التصرف الغريب من الطبيب الكسول، فيا وزارة الصحة إذا كان تصرف بعض الأطباء مع المرضى بهذه الطريقة فكيف تستغربون ضرب الأطباء؟!
[email protected]