محمد الخالدي
تعودنا من حكومتنا «الرشيدة» عندما تصدر قرارات ذات تأثير مباشر على المواطن - مع أن كل القرارات لها تأثير على المواطن - مثل اغلاق البقالات او ازالة المخيمات أو الديوانيات وغيرها ان تكون صارمة و«حادة» في بداية الأمر، وتجعلك تصريحات المسؤولين فيها تشعر وكأنك في بلد يفرض القانون هيبته ولا مجال للتعاون أو التراجع وكأننا في دولة أوروبية.
ولكن ما ان تبدأ حكومتنا الرشيدة بتطبيق تلك القرارات حتى يفاجأ المواطن بصفعة قوية على الوجه من يد الحكومة لتقول له «اصحى يا مواطن أنت في الكويت»!
اذ لا يكون التطبيق حينها الا على الفقير الذي تستأسد عليه الحكومة وتمارس عليه «هيبة القانون» الى ان تصطدم بأول «راس كبير» ممن حباهم الله القوة لوقف القانون باتصال هاتفي واحد.
في كل عام تقريبا تصدر الحكومة قرارات صارمة بإزالة التعديات على أملاك الدولة و«يلعلع» المسؤولون بأنهم جادون هذه المرة ولا مجال للتراجع، ولكنها في الحقيقة لا تنفذ شيئا مما تقوله وسرعان ما تتراجع بعد ان تهدم جرافاتها بعض الديوانيات والحدائق المنزلية لبعض المواطنين المساكين أو «الضحايا» ثم تتوقف استجابة للضغوط النيابية، فما ذنب هؤلاء المواطنين ان تهدم ديوانياتهم وحدائقهم دون غيرهم؟
نتمنى ان تكون الحكومة جادة وصارمة في تطبيق أي قانون حتى وان كان خطأ من وجهة نظر البعض، نتمنى ان تكون الحكومة قوية لدرجة كافية لفرض هيبة القانون على الجميع دون تمييز، واذا كانت الحكومة جادة هذه المرة بإزالة الديوانيات المخالفة فعليها ان تثبت جديتها وتفرض قوتها وتبدأ بمخالفات اصحاب «الرؤوس الكبيرة»، ان تبدأ من فوق وتنزل وليس العكس.
والا فإنها لن تفعل سوى ترسيخ الطبقية والثنائية بين المواطنين وتكرس لمفهوم «فوق القانون» و«تحت القانون».
ثم ان مخالفات الفريق الأول (فوق القانون) أكبر بكثير من مخالفات المواطنين من ذوي الدخول المحدودة، فهؤلاء يستطيعون بكل سهولة ان يعيدوا بناء ديوانياتهم من جديد في حال تراجع الحكومة عن تطبيق القانون، بينما المواطن الفقير ممن تبدأ الحكومة به دائما لا يسعه ذلك، فهو أصلا وضع كل ما يملك واقترض من هنا وهناك لبناء الديوانية أو الحديقة.
نعلم ان مثل هذا الكلام لن يعجب الكثيرين، وأول ما سنسمعه من الحكومة أنه لا يوجد فرق أو تمييز بين المواطنين، ولكنها مقولة يعرفها الكويتيون تماما ولا يصدقونها.
فإذا كانت الحكومة جادة هذه المرة، وهذا ما نتمناه، فعليها ان تبدأ من فوق وهي تعرف تماما أين يقع هذا الـ «فوق».
والا فإن كانت الحكومة، كالعادة، ستتوقف بعد فترة بسيطة فالأفضل ألا تبدأ بهذه الحملة من الأساس ولا «تفشل نفسها وتصير الصكة براس الفقير»، وان تتفرغ لأمور أكثر أهمية من ازالة مكان يجد فيه المواطن ملاذا للتنفيس عن غضبه من أداء الحكومة وجمودها!