محمد الخالدي
مازلت أذكر أول محاضرة لي في جــامــعة الكويت عندما كنت طالبا في السنة الأولى، وعلى الرغـــم من أن تخصــصي لم يــكن له عـــلاقة بالفلــسفة لا من بعــيد ولا من قريب، إلا أن عمق التجربة والتأثير الكبــير لأستـاذي د.أحمد الربعي جعلتني أغير مسار دراستي لأتخصص بالفلسفة حبا له وإعجابا بعقلـــيته المفكــرة.
ورغـــم تكليـــفه بحقيبة وزارة التربية بعد فترة بســـيطة من بدء الدراســـة، إلا أنه كـــان حريصا على حضـــور المحاضرات، والندوات الأسبوعية التي كانت تقام في قســـم الفلسفة آنذاك.
أعجبت بأسلوبه وروحه المرحة وإصراره على التفاؤل رغم كل الظروف الســيئة التي يعيشها عالمنا العربي الذي حمل همومه على الدوام.
تعلمت منه الكثير، واستفدت من علمه وفكــره وثقـــافــته وأســلوبه العقلاني في الحوار، وأديــن له كأســتاذ وقــدوة وإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى وعمق.
د.أحمد الربعي شخصية فذة، قد تختلف معه أو لا تتفق مع آرائه، إلا أانك لا تستطيع إلا أن تحترمه، سياسي من الطراز الأول، بات مكانه خاليا منذ إصابته بالمرض، إذ ليس من اليسير أن تجود الحياة السياسية في الكويت برجل مثله.
فمن يستطيع أن ينكر مواقفه ودعواته المستمرة للوحدة الوطنية وحب الكويت وتقديمها على المصالح الشخصية الضيقة، ومن ينسى جهوده الكبيرة خلال أزمة الاحتلال العراقي، ودوره في الدفاع عن قضية الكويت أيام الاحتلال، وغيرها من المواقف التي لا مجال لحصرها في هذا المقام.
رحـــم الله فيلســوف الكويت د.أحمد الربعــي، بموته خــسرت الكويت رجلا من رجـــالاتــها المخلصين، غيـــر أن عــــزاءنا بما تركه لنا هذا الإنســان العـــظيم من إرث ثقـــافي وســياسي وفكــري جعل له في صفحـــات التاريـــخ المشــرقة أوراقا وحروفا مضيئة، واسما لا تمحوه الأيام.