محمد الخالدي
جميل أن تقوم وزارة الإعلام بخطوات تكسر الجمود الذي خيم عليها لسنوات، وأن تبادر إلى إصلاح هذه المؤسسة البالية التي تذكرنا بالمؤسسات الشيوعية في زمن ستالين والمقبور صدام حسين.
ولكن مع الأسف على ما يبدو فإن الجماعة في وزارة الإعلام قد فهموا الإصلاح بطريقة مقلوبة، فاختارواتقييد الحريات والتراجع إلى زمن الإعلام الأحمر وقائمة الممنوعات التي أصبحت أكثر مما يجب بدلا من الانتقال إلى الإعلام الرقمي الجديد والحر.
طريقة عمل الحكومة في الكويت وتعاطيها مع الأحداث لا يختلف عن تعامل أطباء الأسنان في المراكز الصحية الحكومية، فأي مشكلة في أي ضرس لا تجد سوى علاج واحد وهو الخلع، ربما لأنها طريقة سهلة وتكلفتها أقل، وهكذا تتعامل مختلف مؤسسات الدولة مع الواقع، لا إبداع ولا حضارة ولا رؤية، فالحلول دائما تكون في اختيار الطرق السهلة والتي هي غالبا ما تكون ذات تكلفة أقل على الميزانية لكنها بالتأكيد ذات تكلفة باهظة على الإنسان والحضارة.
ألا يرى المسؤولون كيف يتقدم العالم من حولنا، ألا يتعلمون من أخطاء الماضي وتجارب الآخرين، ألا يدور في خلدهم أنه لن يصح في النهاية إلا الصحيح؟ قبل فترة التقيت بمجموعة من الشباب الكويتي في تلفزيون الكويت حيث كنا متواجدين معا لتغطية أحد الأنشطة في البلاد برعاية الشيخ أحمد الفهد، فكان الاضطراب والقلق ظاهرا على وجوه المخرج والمذيع بسبب رداءة الأجهزة، فالكاميرا كانت تصور بينما الميكروفون لا يعمل، والنتيجة أنهم صوروا الشيخ أحمد الفهد وهو يتحدث ولكن من دون صوت.
اقترب المخرج وسألني من أي جريدة، قلت له من «الأنباء» فقال «تكفه اكتب عن حالنا الكسيف، والله تعبنا من هذه الأجهزة الخربانة، كاميرات قديمة والميكروفونات أغلبها لا يعمل وحاملات الكاميرات أغلبها مكسور.. تعبنا من هذه الأجهزة اللي انتهى عمرها الافتراضي».
كنا نتمنى من المسؤولين في وزارة الإعلام لو أنهم يوجهون نشاطهم وهمتهم نحو الإصلاح الحقيقي في هذا الجهاز المهم، بدلا من هذه الجهود التي تسعى إلى تحويل مؤسسة إعلامية ذات تاريخ طويل ومشرف إلى مجرد جهاز لرصد تحركات المواطنين وتقييد حرياتهم.
فاصل
رجل عجوز سأل اثنين من الكويتيين كانا يجلسان في أحد مقاهي لندن عما يحدث في الكويت، فقال بلهجة عراقية «شصاير عندكم بالكويت، عسى ما شر خو حرب ماكو وعندكم كل شي وأهم شي اللي هو الأمان، الكويت كانت جنة ليش هسه صارت كلها مشاكل؟» بالتأكيد لم يجد هذان الشابان أي إجابة يمكن أن تشكل ردا مقنعا لهذا العجوز الذي أزعجه هو أيضا أن يرى الكويت تتراجع بهذه الصورة.