محمد الخالدي
نشرت الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي ومقرها هولندا مؤخرا تقريرها للعام الدراسي السابق والذي تضمن نتائج الاختبارات في الدراسة الدولية للعلوم والرياضيات المعروفة باسم (timss) والتي أجريت في مارس الماضي بمشاركة 68 دولة منها 15 دولة عربية، وقد حصلت الكويت على المراكز الأخيرة في هذه الاختبارات ـ بلا فخر ـ والسبب معروف بكل تأكيد ولا يحتاج إلى تفسير.
فقد حصلت الكويت على المركز 38 من بين 49 دولة في اختبار العلوم للصف الثامن، والمركز 44 من بين 48 دولة في نفس المستوى لمادة الرياضيات، والمركز 32 في مادة العلوم، والمركز 34 في الرياضيات للصف الرابع من بين 36 دولة، أما بخصوص مهارات القراءة فقد حصلت الكويت على المركز 43 من بين 45 دولة في اختبارات مهارات القراءة (pirls).
ربما نفهم الآن بوضوح تصريحات مسؤولي المبنى رقم (1) في وزارة التربية والتي تدور في فلك التضليل عندما يقولون إن التعليم في الكويت بخير وأن نظامنا التعليمي يضاهي وينافس أرقى الدول.
كانت سنغافورة من بين الدول المتأخرة قبل بضعة أعوام، ولا تختلف عن الكويت في هذه النتائج ثم تنبه المسؤولون عن التربية هناك إلى هذه الحقيقة، حقيقة فشل النظام التعليمي، فقاموا بمراجعة شاملة لذلك النظام والاعتراف أولا بوجود الخلل ثم العمل على تصحيح مسار التعليم، والنتيجة أن سنغافورة حققت المركز الأول في اختبارات العلوم والرياضيات وتفوقت، فعلا وليس بالشعارات الكاذبة، على أميركا واليابان وألمانيا.
فإذا كنا نريد حقا أن ننهض بالتعليم ونخرج من دائرة المراكز المتخلفة فعلينا أن نفعل مثل ما فعلت سنغافورة وكوريا وهونغ كونغ والأردن، الاعتراف بوجود الخلل والعمل على تطوير المناهج والاهتمام بالمعلم.
أيها العباقرة في وزارة التربية نرجوكم أن تتوقفوا عن التبريرات الساذجة، فالتعليم لدينا ليس بخير وطلابنا لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، وبالتالي فهم عاجزون عن فهم الرياضيات والعلوم بل وحتى عن التفكير، ولن نتقدم أو نحقق أي خطوة نحو النجاح مادمتم تجملون تصريحاتكم لتحافظوا على كراسيكم على حساب أبناء الكويت وجودة التعليم.
وإلى أعضاء مجلس الأمة وخاصة أعضاء اللجنة التعليمية، إذا كانت هذه النتائج لا تشكل لديكم ناقوس خطر ولا تحرك فيكم ساكنا من شعور بالوطنية والخوف على مصلحة أبنائكم ولا تؤرق ضمائركم وأنتم تتلهون وتلهون الناس بصراعات هامشية مفتعلة فمتى تتحركون، وما الذي يمكن أن يجعلكم تدركون خطورة هذا الواقع المؤلم.
المشكلة ليست في حوادث عارضة تحدث بين الحين والآخر، المشكلة تكمن في «النظام التعليمي» بأكمله، بعقلية صنع القرارات والسياسة التعليمية التي أصبحت قرارات فردية ومزاجية وردود أفعال مؤقتة وحلول ترقيعية بعد أن تم وأد المركز الوطني لتطوير التعليم والذي كان شمعة الأمل الأخيرة لرسم إستراتيجية تربوية يصبح فيها وزير التربية المسؤول عن تنفيذها وليس الآمر الناهي الذي يطلب وده ورضاه صغار المسؤولين، حتى إن كانت النتيجة حصول الكويت على المراكز المتخلفة في التعليم