نفرح كثيرا بكتابات المنصفين في الغرب حول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وحول الإسلام عموما، لأنها تخاطب القارئ الغربي.. نيابة عنا.
****
كارين آرمسترونج مؤرخة أديان وأكاديمية بريطانية مرموقة، كانت راهبة كاثوليكية ثم تركت الرهبنة عام 1982 وبدأت بالكتابة حول الأديان، لها أكثر من 20 كتابا حول اليهودية والمسيحية والاسلام والبوذية، منها كتابان عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هما كتاب «محمد.. سيرة للنبي» نشر عام 1991 ومترجم للعربية من قبل د.فاطمة نصر ود. محمد عناني، وكتاب «محمد نبي لزماننا» نشر عام 2006 ومترجم للعربية من قبل فاتن الزلباني، إضافة لكتاب «تاريخ الرب.. مسعى 4 آلاف عام من اليهودية والمسيحية والاسلام»، وكتاب «القدس.. مدينة واحدة وثلاث عقائد» وغيرها من الكتب المهمة.
ولمؤرخة الأديان آرمسترونج أطروحات كثيرة ذات أهمية كبيرة في الأوساط العلمية والأكاديمية، لاتزال تمثل نبعا فياضا للنقاشات العلمية الرصينة، خاصة في مجال علم الأديان المقارن، يهمني من تلك الأفكار والأطروحات الكثيرة فكرة منها بالذات.
****
يسمونها «الراهبة الهاربة»، كتبت عام 1982 كتابا بعنوان «عبر البوابة الضيقة»، تبين فيه سبب هجرها لحياة الرهبنة، حيث اعتبرت هذه الحياة قاصرة ومحدودة الخبرات وضيقة، ولا تضيف للعالم أي جديد. ورغم موجة العداء التي سببها موقفها هذا، إلا أن كتابها تصدر قائمة أكثر الكتب مبيعا لسنوات طويلة.
****
تقول آرمسترونج عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» إن هذا الحديث يمثل «القاعدة الذهبية» للسلوك البشري، والضمانة الوحيدة للحصول على حياة إنسانية حقيقية. وتضيف أن التأمل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته يعطينا نموذجا فريدا فيما ينبغي أن يكون عليه السلوك السليم، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان مثالا للانسان الكامل، كان يطبق ما يقول ويدعو إليه ويطبقه على نفسه قبل غيره أحسن تطبيق، لم يكن مثل بقية من نسميهم «عظماء» من المفكرين والقادة والفلاسفة وغيرهم، والذين كانت حياتهم مليئة بالآثام والشرور والمظالم والبطش بعكس ما يقولون تماما، ويبررون ذلك بوقاحة عجيبة بأنهم حالات استثنائية وكأنهم فوق البشر.
****
بالنسبة لي.. أجد في حياة المسيح عليه السلام وسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تكاملا ينسجم مع حركة التاريخ، فمن خلال دعوة السيد المسيح «أحبوا أعداءكم»، وبين دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم «أحب لأخيك ما تحب لنفسك» تكمن طبيعة الإنسان الخيرة.
لم يسَع المسيح بناء دولة وحكمها، لكنه نجح نجاحا باهرا في صنع دعوته تبني ما هو أهم من الدول والحضارات، فماذا عساه أن يكون صبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على أذى جاره اليهودي وعيادته في بيته للاطمئنان عليه سوى تجسيدا لرسالة السيد المسيح «أحبوا أعداءكم».
[email protected]