محمد هلال الخالدي
إعلان النائب مسلم البراك منذ فترة عن وجود «طلب إحالة وزير الداخلية لمحكمة الوزراء في مكتب النائب أحمد السعدون» بمثابة طوق نجاة للنواب الذين عارضوا الاستجواب أو طرح الثقة بحجة أن الوزير قام بتحويل ملف قضية الإعلانات للنيابة، والذي تبين فيما بعد أنه مجرد تحويل شكلي، فهذه فرصتهم ليثبتوا للشعب الكويتي أنهم تعاملوا مع طرح الثقة بحسن نية، وأن يتصرفوا بما تمليه عليهم ضمائرهم وقسمهم أمام الله والشعب بحماية المال العام، فإن كانوا معذورين في طرح الثقة فهم غير معذورين في طلب الإحالة إلى محكمة الوزراء.
الرئيس أوباما وصف تصرف شرطة ماساتشوستس بالغباء بسبب قيامهم بواجبهم تجاه مواطن أسود، ثم ما لبث أن اعتذر عن هذا الوصف ودعا الشرطي والمواطن الأسود وهو أستاذ جامعي إلى غداء تصالح واعتذار بين الجميع، ومع ذلك انخفضت شعبية الرئيس أوباما بين المواطنين الأميركيين البيض لاعتقادهم بأنه تصرف بعنصرية وأساء لأميركا، وهذا يعني أن عليه أن يعمل بجهد أكبر ليعيد ثقة المواطنين به مرة أخرى.
أما عندنا فالحال مختلف تماما، فحكومتنا تسيء كل يوم إلى الكويت وإلى الشعب وتتسبب في ضياع أمواله العامة وتهدر في ثرواته هنا وهناك ولم تنجز أي شيء يذكر حتى الآن ومع هذا لا ترى الحكومة أنها مخطئة أو مقصرة وبالتأكيد فهي ليست بحاجة إلى الاعتذار.
نحن أيضا لسنا بحاجة إلى الاعتذار، فهذه القيمة الأخلاقية لاتزال في آخر اهتماماتنا، ولكننا بحاجة إلى إنجازات تجعلنا نترحم على الحكومة «بعد عمر طويل»، مع التأكيد أن الشعب الكويتي لم يعد يطمح بأكثر من وقف موجة السرقات المتلاحقة من المال العام، فقد تضاءلت أحلامنا وطموحاتنا إلى هذا الحد!
بكل بساطة تقوم بعض الشركات في القطاع الخاص بتسريح مجموعة كبيرة من المواطنين، وبكل بساطة تقترح الحكومة أن تدفع لهم رواتبهم نيابة عن هذه الشركات، فهل يوجد حكومة في العالم «تدلل» شركات القطاع الخاص كل هذا الدلال؟ الحكومة يدها مبسوطة كل البسط مع الشركات، ومغلولة حد البؤس مع المواطنين، فما أسرع حلول الحكومة عندما يتعلق الأمر بالشركات، ترى متى سينتهي هذا الصداع المزمن الذي تسببه قرارات الحكومة وسياستها العبثية بالمال العام؟
[email protected]