محمد هلال الخالدي
هي سنة حميدة اعتاد عليها أهل الكويت كل عام، أن يستمعوا لخطاب والدهم وأميرهم في العشر الأواخر من رمضان، والتي يضع من خلالها سموه النقاط على الحروف ويرسخ بخطابه مبادئ الوحدة الوطنية وحسن المواطنة، ولخطاب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه بهذه المناسبة الطيبة وقع خاص في نفوس أبناء الكويت، فقد أشار سموه إلى عظمة هذه الأيام المباركة وقيمتها الروحية بالنسبة للمسلمين بما تحمله من قيم التسامح والمحبة، ودعا أبناءه المواطنين إلى التحلي بهذه القيم مستنكرا بشدة ما آل إليه حال المجتمع من تشتت وفرقة وتصنيفات لم تعهدها الكويت ولم تعرفها منذ نشأتها، كما أكد سموه على التزام وسائل الإعلام بمختلف أشكالها بقيم العمل الرزين مؤكدا حرصه على أجواء الحرية والديموقراطية المتأصلة في هذا المجتمع، ومشيرا إلى أهمية التزام حدود الحرية وضوابطها، ولأن حفظ أمن المجتمع وتماسكه ووحدته يتطلب الحزم، كان سموه حازما في ذلك حين قال «لن أسمح لكائن من كان ان يخرق الوحدة الوطنية ويمزق نسيج المجتمع».
كما دعا صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في خطابه السامي أبناءه المواطنين إلى تحمل مسؤولياتهم والتي أشار إليها كأولويات ينبغي على الجميع الالتزام بها، فبدأ سموه بالقيم الدينية ثم التمسك بحسن الخلق والوحدة الوطنية والابتعاد عن الفاحش من القول أو الفعل، كما أكد سموه ـ كعادته ـ على أهمية التزام الجميع بالقانون وتطبيقه على الكبير قبل الصغير، إذ ان ذلك من شأنه حفظ النظام وحقوق العباد، وتلك دعوة لم تغب يوما عن خطابات سموه فليتنا نلتزم بها جميعا لتنعم البلاد بالاستقرار والثبات، وتواصل مسيرة تقدمها وبنائها، تماما كما لم تغب قضية الوحدة الوطنية عن خطابات سموه أيضا لما لها من أهمية كبيرة حيث كانت وستظل بإذن الله تعالى مصدر قوة هذا الشعب وتماسكه، وهو ما يظهر جليا في إشارة سموه عندما استذكر «حريق عرس الجهراء» وألمح إلى موقف أهل الكويت وتضامنهم بعضهم مع بعض كما هي عادتهم عند الشدائد، وفي هذا إشارة واضحة من صاحب السمو الأمير إلى ضرورة أن تسود هذه الروح، روح المحبة والتضامن والإخاء بين جميع أبناء الكويت دائما وليس فقط عند الشدائد، وهو ما نلمحه في حديث سموه عن سيرة الآباء والأجداد بتوادهم وتعاضدهم.
ولم يغفل صاحب السمو الأمير عن متغيرات هذا العالم الذي نعيش فيه، فأشار سموه إلى وباء إنفلونزا الخنازير وخطورته، وأشاد بدور أجهزة الدولة لمواجهته، وشدد على ضرورة أخذ جميع الاحتياطات اللازمة لمنع انتشاره ودعا الله العلي القدير أن يحفظ الجميع ويرحم شهداء الكويت ويتغمدهم بواسع رحمته وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، وبكثير من الألم تطرق صاحب السمو الأمير إلى حال الجدل العقيم الذي سيطر على الكثيرين، وقال ان من أكبر أسباب تخلف الدول كثرة الجدل وقلة العمل، وهي إشارة واضحة ودعوة صريحة لتجاوز الخلافات الهامشية التي عطلت مصالح البلاد والعباد، نتلمس ذلك في دعوة سموه حين قال «استبدلوا الجدل بالعمل، والخلاف بالتسامح» حتى نتمكن من بناء وطننا، وكعادة سموه في كل خطاب لم ينس سموه استذكار سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وسمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله رحمهما الله بواسع رحمته، كما دعا لسمو الشيخ سالم العلي بالشفاء العاجل والعودة إلى أرض الوطن لمواصلة عطائه للكويت، لقد تحدث صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حديث الأب لأبنائه، الحريص على مصلحتهم، وشخّص مواطن الخلل ودعا إلى تجنبها، ولو أننا التزمنا جميعا بما في هذا الخطاب السامي من توجيهات فسنضمن بإذن الله تعالى وحدتنا الوطنية وتضامننا الاجتماعي إضافة إلى استكمال مسيرة بناء وطننا، فلا أقل من أن يلتزم الجميع بهذا الحديث الأبوي الكبير.
[email protected]