تتشرف الكويت هذه الأيام بزيارة قادة دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في قمة مجلس التعاون الثلاثين، وسط متغيرات عالمية بالغة الخطورة والصعوبة على مختلف الأصعدة الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية، وفي ظل تطلع شعوب المنطقة لما سيسفر عنه اجتماع قادة الخليج من قرارات مهمة تتناول مصيرهم ومستقبل أبنائهم، بل إن الشعوب العربية كافة تتابع هذا الحدث الهام نظرا لما لهذا المجلس من أهمية وحضور ومساهمات لا تنتهي تجاه قضايا الأمتين الإسلامية والعربية، فمن ذا الذي يمكنه أن ينكر مساهمات دول الخليج الإيجابية تجاه إخواننا في فلسطين والعراق ولبنان وأفغانستان وغيرها، ودور قادتنا في التوسط لحل النزاعات وتقريب وجهات نظر الأطراف المتنازعة وسعيهم الدائم من أجل الوصول إلى حلول سلمية ترضي جميع الأطراف.
وقمة الكويت الحالية تعد استكمالا لمسيرة عمرها 30 عاما من العطاء والتعاون والعمل المشترك للمجلس، وإن لم يصل بعد إلى طموح شعب الخليج الواحد، مع أن استمرار الوحدة الخليجية بحد ذاته إنجاز لا يستهان به في عالم لم يعد فيه مكان للضعيف وليس فيه كلمة إلا للدول المتحالفة، فأصوات مجتمعة خير من الأصوات المتنافرة.
30 عاما هي عمر مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أنجز خلالها العديد من القضايا المشتركة، وتوحدت فيها شعوب الخليج في صف واحد وكلمة واحدة، وواجهت خلالها العديد من الأحداث التي أثبتت أن هذا المجلس لم يكن يوما مجلسا شكليا أو عاجزا، ويكفي أن نذكر على سبيل المثال موقف دول مجلس التعاون تجاه الاحتلال العراقي للكويت والدور المشرف لدول المجلس كافة تجاه الكويت على المستويين الشعبي والرسمي حتى كلل الله عز وجل بفضله تلك الجهود بتحرير الوطن وعودة الشرعية. وبالمثل كان موقف دول الخليج موحدا تجاه قضية جزر الإمارات الشقيقة وموقفها الثابت مع مملكة البحرين الشقيقة ومع المملكة العربية السعودية الشقيقة في دفاعها المشروع ضد تحرشات الحوثيين، فتخيلوا كيف سيكون حال دول الخليج وهي تواجه هذه التحديات الأمنية الخطيرة لو كانت تتصرف بصورة منفردة؟! والأمر لا يقتصر على الجانب الأمني بل هناك إنجازات كبرى على المستوى الاقتصادي حيث كان لهذه الوحدة دائما الأثر الإيجابي في تقوية الوضع الاقتصادي لهذه الدول، وبالمثل يمكن أن نتحدث عن كل مناحي العمل المشترك سواء في التعليم أو الصحة أو غيرهما مما لا يسع المقام لسردها.
فإلى قادتنا كل التحية، ونسأل الله العلي القدير أن يكلل جهودهم المباركة بالسداد والتوفيق، وأن يمكنهم من تحقيق طموح شعوبهم والنهوض بمستواها واستثمار طاقات الشباب وثروات البلاد فيما ينفعهم ويرفع من شأن بيتنا الخليجي الموحد.
[email protected]