شاءت أقدار الله أن يقطف ثمرة قلب عبدالله، ذلك الشاب اليافع الذي ترعرع في أسرة محافظة ما بين والدته ووالده وأخواته... ذكر بالطيبة وسماحة الوجه وعرف بالبر الذي يستشعره والداه من حسن المعاملة والخلق، لقد انتقل عبدالله من دار الشقاء إلى دار الراحة بإذن الله تعالى وهذا فضل عظيم من رب كريم.. انها مشيئة الله كتبت من الأزل فمالنا إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا على فراقك يا عبدالله لمحزونون.
لقد كان لرسالة أبي عبدالله أثر كبير فقد حملت هذه الرسالة معاني كثيرة تمخضت من هذا الحدث الجلل، فوجدته صابرا محتسبا مؤمنا بقضاء الله وقدره... استرجع ورضي بما قدره الله له، وهذا ما تعلمناه منه خلال تعاملنا معه في كثير من المشاريع، فدائما ما يصبرنا ويهون علينا العظيم من الأمور... ويسهل علينا كل صعب ويتجاوز عن الأخطاء مقابل تحقيق النتائج والأهداف، ثم ها هو يظل ثابتا أمام هذا الحدث العظيم ليعلمنا الموقف الحقيقي للمسلم في الواقع الصعب.
يقول أبو عبدالله في رسالته:
بعد اسم الله السلام
أرجو أن تبلغ عني إخواني وأهلي وأحبابي أحباب عبدالله هذه البشارة:
الحمد لله على ما اختار لعبدالله أن يبني لوالديه في الجنة بيتا اسمه بيت الحمد، كما وعدنا ربنا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم:
عن أبى سنان قال: دفنت ابني سنانا وأبو طلحة الخولاني جالس على شفير القبر، فلما أردت الخروج أخذ بيدي، فقال: ألا أبشرك يا أبا سنان؟
قلت: بلى، قال: حدثني الضحاك بن عبدالرحمن عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا مات ولد الرجل يقول الله تعالى لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟
فيقولون: نعم
فيقول: أقبضتم ثمرة فؤاده؟
فيقولون: نعم
فيقول: ماذا قال عبدي؟
قال: حمدك واسترجع.
فيقول: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد».
رواه الترمذي وهو حسن.
ومعنى استرجع: قال إنا لله وإنا إليه راجعون.
وإني لعلى يقين بحسن ظني بربي انه سيستضيفني ووالدته الحنونة أم عبدالله هناك بوعد الله وبرحمته وفضله وسنستضيف عندئذ كل أحبابنا وأحباب عبدالله الذين ضجوا بالدعاء له وغمرونا بمشاعرهم الصادقة الفياضة ونعدهم بأننا لن ننساهم في ذلك اللقاء الموعود في ذلك البيت المشهود.
وقد أكرمه الله سبحانه وأكرمنا معه بذلك قبل قليل وحسب توقيتكم في الكويت في الساعة الخامسة من مساء اليوم السبت الثالث من العشر المباركات من ذي الحجة.
كما أبشرك دون سرد التفاصيل بعظم التيسير الذي لاقاه عبدالله في جميع مراحل مرضه وعلاجه، فقد كانت أمور علاجه ميسرة بشكل منقطع النظير يشبه شخصيته الوديعة الطيبة التي تعرفونها جيدا دون تزكية مني حتى انه لم يعان إلا بقدر ما شاء الرحمن أن يتفضل به عليه من تكفير الذنوب ورفع الدرجات بإذنه وفضله وكرمه وهو أرحم الراحمين.
والحمد لله رب العالمين
والحمد لله على كل حال.
إنه الصبر الذي ذكره الله تعالى في كتابه الكريم أكثر من تسعين مرة فقال: وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.
أسأل الله أن يرحم عبدالله ويجعله في الفردوس الأعلى وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.
[email protected]