موسى المطيري
تعرفت عليه عام 94 حيث كنا طلبة في جامعة الكويت وكنت أعجب من تصرفاته حيث كان يأتي بسيارته الجيمس ويقف في مواقف الجامعة ليقوم بتغيير ملابسه العسكرية ولبس الدشداشة والشماغ ليتأبط كتبه وينضم لنا داخل المحاضرة، كان جادا ويتنقل من محاضرة لأخرى وما ان ينتهي اليوم الدراسي حتى يهرول الى سيارته ليقوم بتبديل ملابسه وارتداء بدلته العسكرية وينطلق بسرعة الى نقطة الحراسة حيث أنهى دراسته في أربع سنوات بالضبط دون تأخير وحصل على تقدير جيد جدا من جامعة الكويت.
هو نواف المطيري والذي كان مثالا للكفاح حيث لم أشاهده كثيرا بعد تخرجنا من الجامعة لكنني سمعت انه استقال من الحرس الوطني بعد خدمة دامت 15 عاما دون ان يحقق حلمه في ان يكون ضابطا، وحزنت لذلك لأنني كنت أعلم ان «نواف» يحب عمله في الحرس الوطني جدا، وفق نواف بعد ذلك والتحق بوزارة الخارجية وأصبح ديبلوماسيا في نفس الوزارة التي كان يحرس بوابتها يوما ما من عبث العابثين والمخربين، وهذا كان يعني ان على نواف ان ينزع سلاحه الذي كان يحمله على كتفه طوال 15 عاما ويستبدله بمكتب فخم يطل على الخليج العربي ويضع الجواز الديبلوماسي في جيب دشداشته بدلا من ورقة الحجز التي كانت تعطى له إذا ما حاول حضور أي من محاضراته الدراسية عندما كان طالبا.
مر نواف بنقلة كبيرة في حياته حيث انتقل من العمل عند البوابة حارسا الى داخل مكتب وزير الخارجية الذي كان السبب المباشر في قبوله حيث لم يعد نواف «يحاتي» لهيب الحرارة ولا برد الشتاء بل جلس «ابومشعل» في أحد المكاتب الفخمة وبدأ اسمه يلمع نظرا لجهده وعمله، حيث تم تعيينه في سفارة الكويت في الرياض فأصبح الجميع يشهد بأخلاقه وحسن استقباله واحترامه للجميع دون تمييز.
ومشكلة نواف تكمن في انه يملك طموحا أكبر من امكانياته رغم انه شجاع وعصامي ومكافح فتلك الصفات غير مطلوبة في الخارجية أو غير مهمة بل تجلب لصاحبها المتاعب في أحيان كثيرة، ونواف قادر على اتخاذ أصعب القرارات بسهولة ومنها عندما التحق بمعسكر الحرس الوطني إبان الاحتلال العراقي حيث أبلى بلاء حسنا ولم يخرج إلا بعد أيام.
ويجب ان تعلم أخي «نواف» ان بيئة الحرس الوطني تختلف كثيرا عن بيئة وزارة الخارجية وان زملاءك في العمل قد تغيروا حيث تبدل «لافي وعلوش ومطلق وجمعان» وأصبحوا «عصام ونادية ووليد ومنذر ورشا ومهند».
أن تُقنع نواف بأن 1 + 1 = 3 أسهل من أن تقنعه بأن يغير طريقة لبسه وترك الكثير من إيمانياته في هذه الحياة، وان تقنع نواف بأن الكويت لا يوجد بها طبقية وعنصرية وعصبية وطائفية أسهل من ان تقنعه بأن يغير الجيمس الأحمر ويشتري لكزس أو رنج أو حتى مرسيدس وذلك لزوم البريستيج في عمله الجديد.
أخي العزيز نواف ان الشجاعة والكرم وفصاحة اللسان لم تعد «توكل عيش» وعليك أخي عند قراءة هذا المقال ان تبدأ بحماية نفسك لأن المسألة ليست مسألة عراقيل، وانما هي ألغام صعب عبورها في هذه الحياة وقد تتساءل عن سبب كتابة هذه المقالة ودواعيها فأجيبك باختصار بأني لاحظت ما أقلقني في الأسبوع الماضي وان الأخبار تصاغ في الداخل وليس في الخارج وكل لبيب بالإشارة يفهم! وقديما قالت العرب «لا تأكل رأسا فالرأس شديدة الأذى».