موسى المطيري
عود على بدء، وكأن هذا البلد ينقصه المزيد من الدغدغة لمشاعر الناس الذين تحلقوا خلف أوهام من الوعود التي لم تر المناقشة حتى فيما يسمى بمشاكل القروض والمديونيات حيث برزت في الآونة الأخيرة موجة المناداة بمعالجة المديونيات التي تزعمت الآن جهد العديد من نواب المجلس وأصبحت قضيتهم الأولى، وذلك بعد سنوات من «بحة الصوت» للمتضررين الذين لم يتركوا بابا إلا وطرقوه من أجل الالتفات لمشاكلهم المادية التي انتهكت في غفلة من القوانين المنظمة للقروض، وكأن هذه المشكلة للتو أتت وهي جديدة حيث نادى غير نائب بمعالجتها الآن، وهو أمر غير مسبوق، خاصة إذا ما تأكدنا أن من بين هؤلاء النواب عددا غير قليل من الذين رفضوا فكرة المشاريع السابقة لإنقاذ الناس.
وحقيقة الوضع ـ وهو ما كنت ولاأزال أردده ـ أنه لا حل لهذه المشكلة مطلقا ولن يوجد أبدا أي حل يلوح في أفق شراء المديونيات ومعالجة القروض وهو ما سبق أن عارضه الكثير من الأصدقاء الذين تناقشت معهم في مثل هذه المواضيع لأنني بكل بساطة لا أرى قدرة من الأعضاء المتحمسين في مجلس الأمة على انتزاع الموافقة النيابية المرضية لحل هذه المشاكل من جهة ولا وجود لحكومة تملك موافقة مبدئية لهذه المعالجة من جهة أخرى، هذا إذا وضعنا في الحسبان تشتت الأعضاء الأفاضل بين طرق مختلفة للإنقاذ، بعضها يتجه لإسقاط القروض وأخرى إلى شراء المديونيات وإعادة جدولتها، وعدد آخر جاء بالقروض الحسنة وهي طرق كل منها يتجه اتجاها مختلفا فكيف يتفقون إذن لمواجهة الإصرار الحكومي بالرفض وهم لم يتفقوا فيما بينهم على مطلب واحد.
إن قضية الديون المتراكمة على المواطنين لا علاج لها وعلى المواطنين أن يواجهوا مصيرهم وحدهم وألا يأملوا في مجلس أعضاؤه غارقون في حرب السجالات والتغييب عن اللجان وكذلك الجلسات، مجلس تناسى دوره التشريعي وراح يراقب زلات الحكومة فقط ويتابع تحركاتها، مجلس تحول من صوت للأمة إلى صوت اللكمة، في ظل وجود حكومة تحتاج إلى حكومة من أجل العمل على ارتقاء البلد الذي زاد توقف التنمية فيه، فبأي أمل نترقب إسقاط أو معالجة مديونيات المواطنين، وكيف نجد من سلطتينا أي حل جذري لمشكلة القروض وهما حتى الآن لم تنتهيا من السجالات حول كيفية معالجة الأزمة الاقتصادية التي انتفضت الدول الأخرى لمعالجتها قبل أن تتفشى، فبالله عليكم كيف نترقب حلولا وهذا مجلسنا وهذه حكومتنا؟