بهذه العبارة.. او الصرخة التي أطلقها ورددها آلاف المصريين، ومحبو وعشاق مصر، أظن انه يتعين علينا الآن ان نقف جميعا ونساهم معا في حب مصر وان نسعى لمنع تخريب مصر. هذه الصرخة احتشد لها الآلاف من شباب مصر الجميل يرددونها بحب حقيقي، وهم أنفسهم الشباب الثائر الذي احتشد في ساحة ميدان التحرير او ميدان الحرية كما يلقبونه الآن، واستطاعوا الصمود حتى تحقق لهم مطلبهم بالتغيير بعد صدور بيان الرئيس الذي أثلج صدور كثيرين، وأنزل دموع كثيرين، وهدأ نفوس كثيرين.
لكن السؤال الملح الآن هو ما الذي حدث بعد ذلك؟ وماذا بعد البيان؟ ولماذا يحدث وما يحدث الآن من دمار وخراب وصدام ومواجهات؟
سؤال محير أطرحه على الجميع، على العقلاء والحكماء قبل الشباب والساسة، وقبل الإعلاميين وكل المعنيين.
اليوم تخوض مصر الحبيبة صراعا رهيبا، صراعا بين الشباب وسلطات الدولة، وبين الشباب وسلطات الأمن، ثم بين الشباب والشباب، ومصر هي ساحة المواجهة، مصر كلها تحولت الى ساحة مواجهة بكل ما في ساحة المواجهة من فنون القتال.. من الحجر الى الهراوة ومن السيوف والسكاكين الى الأسلحة البيضاء في أيدي راكبي الخيول والجمال، ومن قنابل المولوتوف الحارقة الى الذخيرة الحية، والنتيجة دمار شامل.
إذن تحول الصراع من صراع إبداء الرأي ومطالب بالتغيير الى حرب إلغاء وإقصاء وتدمير تام لكل مقدرات الوطن، الصراع اليوم ليس حول مطالب أعلن الرئيس انها ستتحقق، ولكن الصراع الآن يدور بين أبناء وطن واحد ويضربه في أخص خصائصه، وهي «قلبه الكبير» الذي ينبض به الجميع، ذلك القلب الذي ينبض بالتسامح والحب والاحترام والتقدير والتعايش بين جميع عناصر الوطن بمختلف عقائدهم ولهجاتهم وانتماءاتهم، صراع نرصد فيه بوضوح أطرافا تضيق ذرعا ببعضها البعض، وترجو إقصاءها وإبعادها.
لماذا؟ وإلى أين يقود هذا؟ وما نتيجة هذا التصرف التخريبي، وإلى متى ستستمر هذه التصرفات؟
لقد وصلت الرسالة، وتعهد الرئيس بإصلاحات من خلال خطوات اعلن عنها والتزم بها أمام العالم أجمع، كل ما يحتاجه هو وقت لتحقيق هذه الاصلاحات التي حتما تتطلب انتهاج خطوات إجرائية وفقا للدستور، لكن ما جرى الآن من التعبير عن رفض هذه الخطوات بإشعال الحرائق امر لا يصدقه عقل وخطأ جسيم بحق مصر وتاريخ مصر.
مصر التي أضاءت بأفكار أبنائها حضارات الدول العربية الشقيقة لها، والكويت في قلبها، فمنها استمددنا دستورنا الكويتي، إذ شارك في وضعه أساتذة القانون وعلماء الفقه الدستوري، وهو ما يفرض عليها وعلى ابنائها وعلمائها وساستها احترام دستورها، وان كانوا يرفضونه او يطالبون بنسف بعض مواده، فهذا كله يتم وفقا للدستور، والتأكيد على ان نقل السلطة الشرعية لابد ان يتم بطريقة قانونية وليس بطريقة «خذوه فغلوه».
مصر أكبر من ذلك ولابد ان تجري الأمور فيها وفق القانون والدستور، ومن دون هذه الهزات التي تحدث، لأن الخاسر الأكبر هو مصر، مصر تخسر من سمعتها وتخسر من مواردها ومن اقتصادها ومن سمعتها السياسية، وعلى رأي المصريين «بعد العيد ما ينفعش كحك» فلا تخسروا كل شيء.
قلنا قبل ذلك وأكدنا ان مطالبكم مشروعة وحقكم مشروع ورئيسكم هو من كان معكم وبكم فارس الحرب والسلام، فإذا كان عليه ان يخرج من السلطة فليخرج بكرامة وبطريقة دستورية معززا مكرما، فهو رئيس مصر ومن دون ذلك لن يكون لمصر قيمة كما كانت.
ان مصر سوف تبقى منارة دستورية صاغت كثيرا من دساتير الشعوب، فلا تطفئوا هذا النور الذي يشع فيها، في نوبة غضب لشبابها.
وإللي يحب مصر.. ما يخربش مصر
.. والعبرة لمن يتعظ.
[email protected]