Note: English translation is not 100% accurate
المنتصف والطرفان
الاثنين
2006/12/4
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : نجاة الحجي
نجاة الحجي
يقبل كثير من الكويتيين، خاصة الشابات والشبان، على المبالغة الشديدة في الإنفاق الاستهلاكي، بل انني أرى تجاوزا للحدود في التصرفات «الشبابية» التي تبتعد عن السلوك الرشيد، فيبذر الواحد من هؤلاء هنا وهناك، بما يؤثر سلبا على ميزانية الأسرة بكاملها، ولكن هذا لا ينفي ان هناك آخرين كثيرين يلتزمون بأصول المنطق والعقل، وينفقون ببصيرة تراعي التوازن المطلوب بين القدرات والرغبات، فالقدرة مهما اتسعت هي ذات مساحة محدودة قياسا بالرغبات الانسانية التي لا حدول لها، ومن ثم فإنه يجب على الجميع ان يراعوا ان القدرة على تقنين رغبة الشراء أفضل بكثير من الانسياق لها من دون إخضاعها لمنطق «اشتري ما احتاج إليه»، والخضوع لمنطق «اشتري ما أجده».
فرغم ارتفاع الأسعار الذي يرهق الأسر، وتنوع الأشكال والألوان من السلعة الواحدة، خصوصا في الملابس وما شابهها، الأمر الذي يلهب شهية الشراء عند الشباب من الجنسين، نشاهد الاندفاع المبالغ فيه من قبل هؤلاء الى إشباع ظمئهم بالشراء الذي لا يطفئه إلا شراء جديد، في سلسلة استهلاكية لا تنتهي.
ولا شك في ان هذه الظاهرة ـ وإن كانت تتعلق بتعامل الإنسان مع السلعة ـ هي ليست ظاهرة اقتصادية فحسب، بل ان لها أبعادا نفسية واجتماعية وتربوية، ومن هنا فان على الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام ودور العبادة ان تضطلع بمسؤولياتها حيال هذه الظاهرة اللافتة في المجتمع.
فالاستهلاك سلوك نفسي اجتماعي، وهو عادة نتعلمها من المحيطين بنا، ومما نرقبه من سلوكيات الآخرين، وكذلك مما تلقننا إياه وسائل الخطاب المؤثرة في المجتمع.
فإذا وضعنا هذا المفهوم «الاجتماعي» للاستهلاك نصب أعيننا، كان من الواجب ان نفعّله في سلوكياتنا، ليس فحسب لأنه جزء من مسؤوليتنا تجاه أنفسنا، بل لأن سلوكياتنا تحمل في طياتها قدوة لأبنائنا.
حتى نبث فيهم بذور السلوك الرشيد منذ الصغر، ليس في الاستهلاك وحده، بل فيما يتجاوز ذلك من زرع القدرة على النظر العقلاني في جميع تحديات واقعهم.
في النهاية يجب ألا يظن أحد انني ادعو الى التقشف أو التقتير، أو حرمان الأبناء مما يريدون، بل لعله من الجلي ان ما أنادي به هو ضرورة تدريب أنفسنا وأبنائنا على الاحتكام للمنطق في قياس الأمور، واننا يجب ان نواجه التطرف في السلوك الاستهلاكي بالقدرة ذاتها التي نجابه بها التطرف الفكري والديني، حتى يعلم الأبناء ان الفضيلة دائما هي نقطة المنتصف من المسطرة، بينما الشر كله يكمن على الطرفين.
اقرأ أيضاً