ناصر الخالدي
خميس كان يمشي في الشارع مكتئبـا حزينا، لا ينظر إلا إلى الأرض وكأن مصائب الدنيا جميعها قد وقعت على رأسه، ولم يقطع سوى خطوات معدودة حتى جاءت سيارة مسرعة فصدمت خميس ثم هرب صاحب السيارة مسرعـا دون أن يعرفه أحد.
خميس دخل إلى المستشفى بحالة أصعب مما تتخيل، كسور بأنحاء متفرقة من جسده ورضوض في الأنحاء الأخرى وغيبوبة لا أحد يعلم متى الإفاقة منها، وعاش الأطباء في حالة استنفار مع العم خميس الذي يبلغ من العمر سبعين عاما ولا يوجد عنده أصدقاء أو أبناء وهذا الذي جعل الأطباء والممرضين يتعاطفون معه.
مضت الأيام ثم أفاق خميس من غيبوبته على صوت الممرض يقول له «كل حاجة كويسة»، أما حالة خميس بعد الحادث فلم تعد الأطراف في جسمه قادرة على العمل، اللهم إلا إصبعين من أصابع اليدين، وهذا ما جعل خميس في حالة لا يحسد عليها والأطباء من حوله يحاولون إقناعه بأي طريقة من الطرق حتى لا تتأثر نفسيته بهذا الوضع الصعب.
لم يغادر خميس المستشفى بعد الحادث ولم يجد من يزوره، ومضت الأيام حتى زاره أحد المتطوعين بزيارة المرضى الذين لا يزورهم أحد ولا يرسل إليهم الناس باقات الورد والهدايا كبقية المرضى ورحب خميس بهذه الزيارة التي توقع أنها جاءت بالخطأ إلا أن الزائر اقترح على خميس الاقتراح التالي: كتابة الرسائل للمساجين في السجون حتى يزرع في داخلهم الأمل والتفاؤل. ونجح الزائر في الإقناع، أما الكتابة فستكون بالإصبعين وبالفعل كتب مئات من الرسائل إلى المساجين وظل على ما هو عليه لأكثر من شهر فلم يجد أي رد وفي كل رسالة يكتبها يضع عنوانه واسمه ثم ينتظر ولكن دون جدوى حتى فاجأته الأيام بشاب يأتي ليشكره نيابة عن كل المساجين.
الشاب يشكر العم خميس على رسائله التي كانت تمنحهم القوة وتزرع فيهم الأمل هذه الرسائل قد اعتاد المساجين على قراءتها والسعيد من يقرأ رسالته أولا ليرى ماذا كتب العم خميس في هذه المرة وأخذ الشاب ينظر إلى وضع العم خميس وما هو عليه فرأى الحياة جميلة بكل ما بها من مآس وخطوب.
فكم نحتاج من أمثال العم خميس الذي استطاع بإصبعين أن يواسي مئات المساجين لكننا ابتلينا بأناس لهم عشرون إصبعا لا هدف لهم إلا تشجيع الناس على دخول السجن من خلال العمليات الإجرامية، وللعلم إذا كان في السجن أناس تمت محاكمتهم فإن أضعاف هؤلاء يتمتعون بالحرية مع أحقيتهم بدخول هذا المكان الذي يليق بهم أكثر من غيرهم.
أخيرا أعداد المساجين في ازدياد مستمر والقضايا منوعة والسجون امتلأت والسجين الذي يدخل اليوم ويخرج بعد سنة يدخل السجن بعد ذلك بقضية أكبر من التي قبلها هذا ما نعلمه، وما لا نعلمه أدهى وأمر، لذلك فالحل يكمن في وضع برامج للتوعية والإرشاد وكذلك وضع برامج إصلاحية للسجين والأهم من ذلك أن يكون السجن فيه حزم وجد ونظام متبع.. ويامه في السجن مظاليم.
تميز
د.صلاح العبد الجادر دائمـا يتميز بأسلوبه وطريقة تعامله مع الآخرين ومن يحضر دورة واحدة لهذا الرجل يصر على أن يحضر له جميع دوراته التي يقيمها ومن د.العبد الجادر عرفت قصة خميس ورسائله ومنه سنعرف الكثير من القصص الهادفة، نلقاكم على خير.