ناصر الخالدي
لمى طفلة صغيرة لا تتجاوز العاشرة من عمرها، سعودية الجنسية، مصابة بضمور في العضلات، إلا أنها وبالرغم من كل هذا متفوقة في دراستها وفي حياتها الاجتماعية، محبوبة من الجميع فهي مصدر للسعادة كما يصفها بذلك أهلها وإخوتها وكل من يعرفها.
إحدى القنوات الإخبارية التقت الطفلة لمى وأجرت معها حوارا، وعندما سألوها عن إعاقتها «أجابت الحمدلله أنا مرتاحة في حياتي وربي هكذا خلقني» عندما سمعتها وهي تقول هذه العبارة أحسست بقوة إيمانها وإرادتها الحديدية ورحت أفكر بحال الكثير من الذين يتذمرون من أبسط الأشياء ولا يحمدون الله على الصحة والعافية.
الطفلة لمى لا تستطيع الركض ولا حتى المشي وأصابع يديها في ضمور ومع هذا تمارس حياتها وتبتسم وتتحدى وتحصد الإنجاز بعد الإنجاز والنجاح تلو النجاح دون أن تتعذر بإعاقتها أو نظرة المجتمع إليها وهي وإن كانت معوقة إلا أنها رمز للتحدي والمثابرة.
لمى ليست أول ولا آخر مبدعة من ذوي الاحتياجات الخاصة وأمثالها أكثر مما يتصور أحد، كل ما يريده هؤلاء المبدعون هو أن يتفهم المجتمع احتياجاتهم وينظر إلى إبداعاتهم ويقف إلى جانبهم ولكن وللأسف الشديد إننا وبالرغم من كل النجاحات التي يحققها ذوو الاحتياجات الخاصة فلا تجد أي اهتمام من قبل بعض الوزارات في الدولة وكذلك القطاع الخاص، بل وللأسف الشديد في كثير من الأحيان يكون المبدع من هذه الفئة ضحية للاستغلال الخاطئ من قبل أصحاب الأطماع المستمرة.
منذ أيام كنت في أحد المستشفيات أنتظر موعد دخولي على الدكتور، حالتي لم تكن صعبة وأنا أفضل من غيري ولله الحمد لكنني استغربت من أعداد المرضى التي لا تعد ولا تحصى ومما زاد استغرابي أني لم أجد إلا عددا قليلا من الدكاترة وطبعا «الله يكون بعونهم» في هذه الأحيان توقفت عند غرفة الإنعاش إلى جانب ثلاثة شبان وقفوا ينتظرون صديقهم الذي تعرض لحادث مروري وعلى أثر الحادث دخل المستشفى، توقفت بجانبهم فنسيت الإنفلونزا وتداعياتها ورن هاتف أحدهم بالموسيقى والغناء الصاخب فقال لأصدقائه «شقول شقول.. أرد وإلا لا».
الهاتف الذي كان يرن بالغناء الصاخب كان للشاب المصاب الذي يعيش بين الحياة والموت، أما المتصلة فكانت والدة هذا الشاب الذي كان ضحية الاستهتار القاتل، إذ إن الحادث وكما عرفت هو نتيجة التهور الذي نشهده في شوارعنا من قبل الكثير من الذين لا يستطيعون الصبر لمدة دقائق ويفضلون الغياب الطويل على التأخير البسيط ويرحلون إلى غير رجعة فيما تتقطع قلوب الأمهات من الحزن على فلذات أكبادهن.