منذ تشريفنا بتأسيس الإدارة المعنية بالإشراف على العمل الخيري في البلاد وحتى الانتقال منها (2002 حتى 2012) كنا نكثف العمل في شهر رمضان من كل عام وأعلن حالة الطوارئ بيننا.
يجتهد جميع الموظفين في عملهم بشكل غير مسبوق طمعا في الفوز بالأجر من الله سبحانه وتعالى من خلال خدمة الإخوة العاملين في مؤسسات العمل الخيري وتسهيل مهامهم الخيرية في الشهر الفضيل سواء بالحصول على تراخيص لجمع التبرعات النقدية من إدارتنا أو السماح لهم بختم آلاف الدفاتر والإيصالات التي تمكنهم القيام بمهامهم بشكل قانوني.
ما إن ننهي عملنا قبل الفطور بساعة واحدة حتى نعود للعمل بعدها ميدانيا لتنفيذ خطة عمل ميدانية نقوم خلالها بمسح شامل على جميع محافظات البلاد بحثا عن الدخلاء على العمل الخيري من الذين يستجدون المتبرعين للحصول على تبرعاتهم من دون وجه حق.
نعود في اليوم التالي لنكمل العمل في مكاتبنا وهكذا دون توقف حتى في أيام العطل الرسمية وأيام الراحة نشد عضدنا بإخوان لنا من الموظفين في وزارة الداخلية، وزارة الأوقاف، بلدية الكويت، هيئة القوة العاملة الذين أبلوا بلاء حسنا في مساعدتنا بتنفيذ قوانين تنظيم العمل الخيري في البلاد بل أذكر أن بعض العاملين في مؤسسات العمل الخيري هم من يرشدوننا بوجود المخالفين فكان العمل جماعيا يحتذى به. في احد الأيام وأنا أقوم بواجبي الرقابي الميداني في احد المجمعات التجارية استوقفتني العجوز أم شجون تسألني: انت (مال الشؤون)؟!!: قلت نعم تفضلي، قالت: منو أحسن جمعية خيرية أتبرع لها؟ قلت: بحكم عملي لن ازكي لك جمعية على أخرى، بل سأذكر لك الضوابط والخطوات التي يجب أن تتأكدي بوجودها عند أي جمعية تتوجهين للتبرع لها مثل: ان تكون الجمعية الخيرية مشهرة ولديها ترخيص بجمع التبرعات ومقرها الإداري مرخص، يعلوه اسمها بشكل واضح للعيان، تتمتع بصفة قانونية وتكتسب الشخصية الاعتبارية، ومن ثم يمكنك القيام بالتبرع لها عن طريق: التبرع بواسطة (الكي نت) او الاستقطاع البنكي وهو نموذج ورقي ممهور بختم وزارة الشؤون، وفي ايام الشهر الفضيل يمكنك التبرع (كاش) شرط الحصول على إيصال نقدي ممهور بختم إدارتنا.
صرخت بوجهي تلك العجوز التي عرفتني بكنيتها وتدعى أم شجون و(زفتني) وخفت حينها على ضغطها او سكرها بالارتفاع او الهبوط قائلة: (ما سويتوا فينا زين يا الشؤون شروطكم تعجيزية (وبهدله) لنا نحن المتبرعين) ! خلال هذا الموقف تطلب الأمر ان اشرح لهذه العجوز الأسباب والدواعي لتطبيق الضوابط الجديدة وكيف ان القوانين الدولية التي صادق عليها بلدي الكويت واجبة النفاذ وان سمعة الكويت والحفاظ على مسيرتها في العمل الخيري الإنساني واجب وطني.
هدأت قليلا وبنظرات حادة اعتذرت وهي تقول: (الله يسمح دربكم) غادرتني أم شجون وهي تدعو للكويت ولي ومن معي بالتوفيق
ملاحظة: تم الاستعانة بكنية أم شجون ولا تعبر عن الكنية الحقيقية للقب العجوز في واقع المقال لذا اقتضى التنويه.