نرمين الحوطي
ان الثقافة والفنون من العوامل التي تدفع المجتمع الى التطور والتقدم واكتشاف الجديد في عالم أصبح يتسابق نحو السيطرة على كل شيء، ومن ذلك، بالطبع، العملاق المسمى بالثقافة والفنون ويعنينا هنا في المقام الأول المسرح.
المسرح ذلك الصرح الذي يعد من أقدم فروع الثقافة والفنون منذ بدء الحضارات، حيث لعب أدوارا مهمة على مر التاريخ في كثير من بلدان الكرة الأرضية، وبصماته واضحة وبارزة في كثير من المواقف الحرجة على مستوى الشعوب.
ان المسرح هو مرآة عاكسة لحضارة أي بلد على الكرة الأرضية، ومن هذا المنطلق لابد ان نلقي عليه نظرة ليست عابرة ولكنها نظرة متأملة، بل ومتعمقة لكي نستطيع الوقوف على ذلك المفهوم الخطير الذي يلعب دورا مهما في حياة الشعوب.
بداية، هناك سؤال يطرح نفسه: أين نحن في دولة الكويت من ذلك الصرح العظيم (المسرح)، والى أي مدى وصل ذلك الفن في بلدنا؟ والى أي اتجاه يسير؟ ذلك فرضا ان وجد في الأصل مسرح كما عرفه الإغريق ومن بعدهم الى وقتنا هذا في كثير من الدول، ومنها دول العالم الثالث التي ازدهر فيها ذلك الفن، وأقيمت له مهرجانات محلية ودولية واجتمعت له عشرات الدول لكي تقوم بعرض بضاعتها الفنية، بل تؤكد للعالم من خلال العروض على وجودها الفني وتطلعاتها الفنية والفكرية بمختلف أشكالها من خلال عرض المسرح.
ان الكويت اعطت لذلك الفن الوليد منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان امكانات بلا حدود، بل وشجعت القائمين عليه واستقدمت له من كل بلد اساتذة لهم وزن للمساعدة على تركيز قواعد ذلك الفن الوليد الى ان شب وعلا.
ولقد كانت للكويت الأسبقية في الخليج العربي في اقامة معهد متخصص لهذا المسرح ومازال يعمل ويخرج لوطننا كوادر فنية يمكن ان يشيدوا حضارة اذا ما أرادوا ذلك، وهنا السؤال يطرح نفسه هل المثقفون والفنيون يريدون اعطاء وإثراء الكويت في هذا المجال؟
ان نظرة سريعة لحال المسرح في الكويت تجيب عن السؤال بل وتدعو الى الأسى للمستوى الذي وقف عنده مسرحنا بالقياس بكثير من الدول الأقل امكانات منا في كل شيء.
نحن الآن نعيش في قرن التحدي المكشوف في كل شيء، لابد ان نستفيد من اللحظة الراهنة في جميع التخصصات، والفن لم يكن يوما أقل أهمية من غيره، الكل يساهم في بناء الوطن، اذن اننا هنا نطرق أحد أبواب التحدي وهو الفن (المسرح) الذي تخصصنا فيه ولنترك بقية الأبواب لأهلها لكي يدافعوا عنها، ويمهدوا لاقتحام المجهول، والمسرح في حالتنا الراهنة وبهذا المستوى المتواضع لا يمكن ان يحسب لنا كفن عريق، واذا نظرنا الى الوراء لمساحة زمنية، أي حوالي ثلاثين عاما مضت، وقمنا بعملية تقييم لذلك المسرح فسنجده أشد صلابة من حيث المضمون والشكل، بل وكان أكثر انتشارا عما نراه في هذه الآونة.. لماذا؟
هل الزمن يضعف أم يكون عامل تقوية؟ ان مسرح الستينيات، ولن اخوض في تحليلات، اذا قيس بمسرح الآن نجد مدى بروزه وقوته بين باقي الدول، فلماذا هذا الرجوع على الرغم من كل المقومات المقدمة من قبل الدولة؟ ليت كل فنان في الكويت ينسى ذاته ويتذكر وطنه الغالي لكي يقدم له بل ويعلو به الى القمة، ليت كل مثقف يعشق عمله ليبرز اسم الكويت بين الدول الأخرى، ان الانسان عندما يبرز أو ينجح ليس له فقط، بل يعلو هو، ويعلو وطنه معه، الوقت مازال أمامنا لكي نخطو الخطوة الأولى في التصحيح والتي ستصل بنا حتما الى مستقبل أفضل وأحسن.