نرمين الحوطي
لابد أن نسأل أنفسنا أين نحن من العالم؟ واعتقد أن الإجابة أننا لا نعرف العالم، في الماضي القديم والجميل كان العرب يمتازون بالقراءة والاطلاع ليس فقط على حضارتهم بل الحضارات الأخرى فكانوا ينظرون ويعرفون العالم كله والعالم يعرفهم ايضا، بل كانوا يأخذون من هذا العالم كل ما هو مفيد بل يقومون بالابتكار والابداع على ما اتخذوه من الحضارات الاخرى من هذا العالم، لذا برزت الحضارة الاسلامية سواء في المجال العلمي كالطب والهندسة او الشق الأدبي والفنون فقد برعوا بالشعر وأنواعه بل فاقوا في الخطوط والكتابة والرسومات والنحت، فلم يتركوا مجالا الا برعوا وأبدعوا فيه، وفاقوا فيه ايضا وتركوا لهم بصمة الى الآن صداها في عالمنا، والسؤال هنا من أين كان لهم هذا الشغف والحب للوصول لقمة الابتكار والابداع؟ والاجابة هي تمسكهم بالدين الاسلامي والقرآن الكريم بكل ما أتى به من اسس وتقاليد واولها التمسك والحث على القراءة، حيث ان اول سورة انزلت على رسولنا الكريم هي (اقرأ باسم ربك) وهذا ما جعل اجدادنا وعلماءنا يعشقون القراءة، بل نجد اجدادنا العرب واقصد هنا العلماء والمخترعين الذين كانوا يأخذون هذه الأفكار التي استمدوها من خلال القراءة للحضارات الأخرى وقاموا بالتطوير عليها لما يناسبهم من حيث الطبيعة والعادات والتقاليد في بيئتهم، ومن هنا نجد ان الحضارة الاسلامية كانت مواكبة للحضارات الاخرى، بل نجدها تفوقت عليها واصبح لها صدى واسع بين كل الحضارات، فمن منا ينسى حسان بن ثابت والرازي وابن سينا والفرزدق وأبونواس وغيرهم، كل هؤلاء شموع اضاءت والى الآن تضيء عالمنا والعالم الدولي، فهم منارة لأي عربي عندما يذهب الى الخارج، ولكن وهذا هو السؤال أين نحن الآن وما هو موقعنا بين هذا العالم؟ بل ماذا نعرف عن هذا العالم؟
الإجابة للأسف اننا لا نعرف شيئا عن العالم الخارجي، نحن فقط نأخذ القشور الهشة، اننا نأخذ ما لا يفيدنا ولكن يفيدهم هم، بمعنى ان المجتمع العربي اصبح سوقا لتسويق موادهم وبضائعهم الرخيصة والتي تعد ايضا من اخطر انواع المخدرات، فمثلا الكمبيوتر هو جهاز خطير ومبدع عندما يستعمل الاستعمال الصحيح وليس للألعاب ودخول مواقع غير مجدية لأي انسان متحضر، والاختيار الأخطر له هو استخدام الفضائح وتداولها من خلاله، هذا مثال بسيط لما وصلنا اليه الآن، للأسف أصبحت صورتنا للغرب صورة ارهابية هشة، اي رياح خفيفة يمكنها ان تقضي علينا، واصبح الهم الأكبر لنا كيف نأكل وماذا نلبس، وكيف نقوم بالمكائد للنهب وأكل حقوق الناس، واتخاذ الدين والاسلام شعارات للوصول الى غاياتنا والوصول الى الكراسي، بالعكس كان الاهتمام الاكبر في الماضي الجميل هو كيف يغذي الانسان عقله؟ وكيف يطهر الروح والنفس؟ وكيف يساعد الآخرين والمظلومين؟ كل هذا جعل من اجدادنا شموعا لا تنطفئ الى الآن، ولكن للأسف نحن الآن نقوم باطفائها لأسباب ضعيفة تصل في بعض الحالات الى الرذيلة والانحطاط، اننا في وقتنا وفي هذا الزمن نقوم بهد كل ما هو جميل من حضارات وقيم قام أجدادنا بغرسها في المجتمع العربي او الخارجي، في الأمس كان الإسلام يحترم كل الأديان كما أوصانا القرآن ورسوله الكريم، واليوم نفاجأ عندما نسير في شوارع أهل الغرب ونُسأل اذا كنا نعلم شيئا عن سيدنا عيسى او سيدنا موسى، فنحن الآن بالنسبة لهم ارهابيون قتلة للأديان الاخرى، بشر مفرطون بكل شيء، في الشراء في الأكل، عندما ينظرون الينا الآن كما لو اننا سجناء او هاربون من السجن، وكل العالم يفزع من تواجدنا، لأن نظرة الغرب اصبحت لنا غير جميلة لاننا بالنسبة لهم فئة من الناس لا يستحقون العيش، او مجرد اشياء نقوم باستخدام وأخذ كل ما هو معطى من قبلهم دون التفكير به، مجرد الاستخدام من غير متعة او استفادة وفي كلتا الحالتين صورتنا غير جميلة، في الامس كانوا يتحدثون عن الحضارة الاسلامية بل يستندون في أبحاثهم واختراعاتهم الى ما توصل له اجدادنا العرب، ان رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) في حديثه النبوي يقول: «اذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»، وهذا ما فعله اجدادنا بالفعل، فهم تركوا لنا علما الى الآن يدرس في الجامعات الأجنبية، وتركوا صدقة جارية وهي العلم الذي تصدقوا به علينا ولكن «ولد صالح يدعو له» لا اعتقد انها موجودة لأن الدعوة لا تقتصر فقط على الدعوى ولكن لابد للانسان ان يقتدي بها، لا أن يرث الإرث ويدعو فقط بل لابد عليه ان يطور من هذا الخير ليثمر ويكثر الخير منه، ان الانسان العربي وقف في نقطة واكتفى على ما ورثه من أجداده فقط وأصبح فقط يقول على الدوام كنا وكان، «على الدوام» اصبح اسلوب خطابنا بالماضي ولكن المستقبل للأسف اصبح نوره يأتي لنا من الخارج دون معرفة أسبابه أو اضراره أو محاسنه، اصبحنا نأخذ بالأشياء دون معرفتها، اصبحنا دون هوية وبقينا في نظر الغرب شيئا واحدا وهو ان الانسان العربي ارهابي ولابد من محاربته في اي مكان متواجد فيه، والله يرحم الزمان.