نرمين الحوطي
الكتابة كلمة بسيطة في الظاهر، ولكن معناها ودلالتها واسعان جدا، فمن خلالها انتشرت الثقافة والمعرفة، فنجد على سبيل المثال الحضارة لم ترسخ اقدامها الا بعد وجود الكتابة، ان فن الكتابة لابد ان يتسم بالسلامة والدقة والخلو من الاخطاء والمغالطات والتزوير، بل يجب ان يضيف العمل المكتوب معلومة جديدة في المجال المكتوب فيه، كما ان من صفات الكاتب ان يكتب بأسلوب مقنع للقارئ فيما يريد طرحه من قضايا او افكار، وايضا عندما يكتب الكاتب فلابد ان تتسم كلماته وسطوره بالكتابة الرفيعة والمفيدة وان يبتعد عن الشعارات والادعاءات الشخصية، بل لابد عليه ان تكون كلماته ذات معنى ومغزى ويبتعد عن التلاعب بالألفاظ وتصيد العبارات الانسانية والابتعاد ايضا وبقدر المستطاع عن المجردات والقضايا السفسطائية، ومن هذه الكلمات والسطور القليلة لفن الكتابة سواء كانت هذه الكتابة قصصية أو صحافية أو روائية، نجد ان الكلمة لها قوتها، وصداها في جميع المجتمعات، اذا كانت هذه الكلمة صادقة مبنية على أسس صحيحة وسليمة، كما ذكرنا من قبل، فالكلمة كانت سببا من اسباب الثورات والحروب والانتصارات، بل نجد ان الكلمة كانت سببا في هدم عروش واقامتها مرة اخرى.
وهنا تكون مناشدة الى من يكتب ان يبتعد عن النقد الشخصي والمصالح الشخصية، لأن الكلمة قد تبني مجتمعا، فعندما يكتب الانسان لا يكتب لنفسه، بل يكتب لمجتمع بأكمله سواء كانت هذه الكلمة مقدمة من خلال وسائل الاعلام المختلفة أو غيرها، فلابد ان ننشئ جيلا يعشق السطور، بل يستعذب حروف الكلمات، فاذا وصلنا الى هنا، نكون قد وصلنا الى قمة الرقي والتقدم، فالكلمة هي التي تبني المجتمع، واذا سألتم كيف، فالاجابة ان الكلمة هي مرآة عاكسة للمجتمع وما يدور من خلاله ومن حوله.
والسؤال هنا، لماذا نبني مجتمعنا على الصراعات والخلافات وعدم احترام الآراء؟ ان دستور الكويت بني على الديموقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر، وكفل القانون ذلك لكل مواطن يعيش على أرض الكويت، فإذا كانت كلمات الدستور قائمة على الحرية والاحترام والديموقراطية، فلماذا لا تكون كلماتنا المكتوبة تحتوي فحواها على هذه الأسس.
انني لا اقصد هنا ان نحبس الكلمة، ولكن ان نكتب بطريقة ترتقي بالذوق العام، نقوم بطرح قضايانا بهدوء دون احتواء كلماتنا على التعنت والتجريح، لأن القوة لم تقم في أي مراحل حضارية بحضارة، ولكن الاقناع والمحبة نجدهما قد أوصلا الانسان الى القمر، وخير مثال حضارة اليونان، فنجدها قامت على احترام الرأي والابتعاد عن التعنت مما جعلها اولى الحضارات، ولكن عندما نذكر الصورة الرديئة لها وهي الحضارة الرومانية، والتي قامت على الحروب والقوة فللأسف نجد ان فكرها وأدبها كانا مشتتين، أهل اليونان غزوا العالم بفكرهم فدامت، بينما اهل الرومان غزوا العالم بقوتهم فسقطت حضارتهم ولم يبق من ذكراهم الا حروبهم، فالفكر والكلمة يبقىان مع الاجيال والانسان الى الأبد، والقوة يحاول الانسان نسيانها لما سببته من آلام للبشرية.