نرمين الحوطي
«المنتظر» رواية مثيرة للكاتب الشاب عبدالله المضف، الذي اعطى للرواية الكويتية دما جديدا، لما يمتلكه من ادوات الروائي المحترف.
فعندما تقرأ الرواية تشعر بصفعة، ليست صفعة اهانة، بل إفاقة، وحين نقول انها تدق ناقوس الخطر، فانها بالفعل انذار للمجتمع الكويتي بالخطر الذي نعيشه وما سينتج عنه.
في مقالتي هذه لن أغوص طويلاً في وقائع الرواية بل سأضع يدي على بعض مواطن الخطر التي وردت فيها لاجعل القارئ يستمتع بها ايضا من خلال قراءته لها، تاركة له حرية الرأي، ليراها ايضا من منظوره الشخصي.
ان الكاتب عبدالله المضف بدأ روايته من خلال مشكلة الاديان والمذاهب الدينية والصراعات القائمة فيما بينها من خلال انطلاق الرواية من موقعة «ارماجدون» الشهيرة لتكون مفتاح نقطة الصراع في روايته، ومن خلال هذه الموقعة استطاع كاتبنا طرح قضيته كما لو انه اراد ان يقول للقارئ ان الصراع مازال مستمرا، وان الماضي يجدد نفسه عبر السنين.
ان قضيتنا واحدة بالرغم من اختلاف الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، هذه القضية هي الصراع السياسي والتطرف الديني وما ينتج عنه من رواسب تشوب المجتمع، والجدير بالذكر ان كاتبنا لم يشتت القارئ بل جعل نقطة الانطلاقة ومسرح الاحداث الكويت من خلال العراك السياسي، والفكر الديني، وتعدد الاحزاب وما ينتج عنه، فنجده بدأ بصراع التيارات المتواجدة في الكويت من خلال اسرة كويتية كأس اسرة في مجتمعنا، وجعل ابطال هذه الاسرة، ينتمي كل منهم الى حزب، فمنهم من ينتمي للتيار الاسلامي، والآخر ينتمي لليبرالي، وهذا ليس غريبا على مجتمعنا الكويتي، فكثيرا ما نجد هذه الاختلافات متواجدة بالفعل في كل اسرة في الكويت، ومن خلال هذه الاسرة وما يدور من احداث فيها نجد كاتبنا تطرق لكثير من المشاكل التي تدور في مجتمعنا في وقتنا الحاضر، فعلى سبيل المثال تطرق للفساد الاداري وما ينتج عنه من تأخر لنهضة البلاد، كما تطرق ايضا للشباب وعدم النظر اليهم من المسؤولين، الى ان اصبحوا في عالم النسيان، كما تناول قضية الاسرى وما ينتج عن الحروب.. الخ.
قضايا كثيرة قام المضف بطرحها من خلال هذه الاسرة، وقدم لنا كثيرا من الانماط في روايته لواقعنا الكويتي والعربي، كما نجده ركز على اهم قضية وهي قضية المسؤولين الذين يبدأون قضاياهم بمصيبة كبيرة من خلال الشعارات الرنانة، ولكن للاسف بعد ذلك يلتفتون الى مصالحهم الشخصية ويتناسون مصيبتهم الاساسية ويبقى الحال كما هو عليه.
«المنتظر» هي الأم واعني بالأم المجتمع الكويتي والعربي الذي ينتظر الحلول وينتظر ماذا سيجلب له المستقبل؟ ان كاتبنا بدأ روايته بموقعة شهيرة من خلالها يصف حال العرب، حيث ان قضاياهم تبدأ بشعارات رنانة ولكن تبقى المشكلة بلا حلول، ونصبح في حالة من الانتظار، ويقول كاتبنا ان اختلاف الفكر ليس بجديد على امتنا العربية واراد ايضا ان يثبت لنا ان هذا الصراع في كل بقعة من العالم، وقد رسم هذه الشخصيات من خلال قضيته وما تحويه هذه الشخصيات من قضايا مهمة ومتواجدة في مجتمعنا الكويتي والعربي لتكون للقارئ بمنزلة صفعات للافاقة، جميل ان يتواجد خلاف الرأي، وتعدد الاحزاب وحرية الاراء لان هذا يعد عاملا صحيا لاي مجتمع متحضر، ولكن للاسف ما نتج عنه في مجتمعاتنا العربية كان عامل خطر يدق ابوابنا لتداخل المصالح الشخصية التي اصبحت بالفعل تحرك قضايانا.
أكثرما يسعدنا في رواية «المنتظر» ان من يكتب هو شاب كويتي، كما ان الرواية رسالة وصفعة للمسؤولين لكي يفيقوا، لان الجيل القادم لن يصبر على ما هو فيه من هم ومشاكل بل سيصرخ في يوم ما ويقول «لا»، واضيف الى رواية كاتبنا ان «المنتظر» سيجد في يوم ما من ينتشله من واقعه المرير اذا كان يوجد في مجتمعاتنا اكثر من منتظر.