د. نرمين يوسف الحوطي
عنوان مقالي اليوم هو اسم مسلسل من تأليف الأستاذة عواطف البدر، ويعذرني باقي فريق العمل عن عدم ذكر أسمائهم ليس تجاهلا بل لأنني سأتطرق فقط لقصة المسلسل أو بالأخص الحوار، وبالرغم من هذا إلا أنني أهدي لفريق العمل بأجمعه باقة ورد لإعجابي بما قدموه من دراما تلفزيونية راقية تستحق أن تفخر بها الدراما الكويتية، مع العلم أن التلفزيون الكويتي لم يقم ببثها، وهذا الأمر سنسلط عليه الضوء فيما بعد.
«همس الحراير» دراما اجتماعية، ما يميزها عن غيرها نوعية الحوار، وأقصد هنا اللغة والحس الفني في الحوار، بعيدا عن النقد لأن عواطف البدر فوق النقد وهذا ليس بزيف أو تصنع مني لها، لأنها امرأة تشربت معنى الإعلام وفنونه منذ طفولتها، فهي المرأة الأولى التي حملت على عاتقها مسرح الطفل إلى أن جعلت الكويت لها الريادة في ذلك، واليوم تبدعنا بـ «همس الحراير»، إذن فهي تستحق ما قلته عنها بل وأكثر.
لكن، ما اللغة الفنية التي تحدثت بها شخصيات عواطف البدر؟ جميعنا كان ولايزال ينتقد الدراما الكويتية مما يشاهده من صراخ وضرب كأن مجتمعنا أصبح يعيش في حلبة صراع دموي، وإذ بعواطف البدر تتجه اتجاها آخر وهو لغة الهدوء أو بمعنى أصح لغتنا الجميلة التي تربينا عليها وهي النقاش واحترام الآخرين كما لو أنها تريد أن تذكرنا بالزمن الجميل وكيف يمكننا أن نعيده، ليس الصراخ والصراع هو الحل، وهذا ما ثبت لنا في «همس الحراير»، الذي تضمن مشاكل تم حلها بالهدوء والتروي والحكمة، لا ضرب ولا مخافر ولا قتل وانتقام كما نشاهد في بعض الأعمال الدرامية الأخرى.
وما أدهشني أن المسلسل لم يبث على تلفزيون الكويت بل بث من قنوات خليجية أخرى مع العلم أن بعض المسؤولين في الإعلام الكويتي ينادون بحاجتهم لتلك النوعية من الدراما، وهذا يدفعنا للسؤال عن السبب النقدي والفني والإعلامي لعدم اختيار «همس الحراير» ليبث عبر التلفزيون الكويتي؟ كناقدة لا أرى في العمل أي تعليقات جارحة أو مساسا للأسرة الكويتية، ولكن أعتقد أن الأسباب تتبع المركزية، والكل يعلم أن المركزية تقوم ليس على الحس الفني والدرامي بل تقوم على حسابات أخرى ولا نريد الخوض في ذلك.
أخيرا وبالفعل وليس أضحوكة أقترح على وزارة الإعلام بث هذا المسلسل لعل وعسى يكون بلسما أو نوعا من تهدئة أعصاب لكل من السلطتين التنفيذية والتشريعية، بل وأقترح على مجلسنا الموقر أن يستعين بالأستاذة عواطف البدر لعرض أسس لغة الحوار السليمة، وما أستغربه أن هذه الأستاذة إلى الآن لم تكرم من الدولة، ومنا إلى المسؤولين في ذلك: لماذا لم تكرم عواطف البدر إلى الآن؟
[email protected]