الأخلاق من المعاني والصفات الحميدة التي كتب لها الكثير من شعراء الحضارة الإسلامية والعربية ومن بين تلك الأشعار التي نتذكرها على الفور عندما نذكر الأخلاق هي كلمات أمير الشعراء «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».
اليوم لا نمتلك من الكلمات عن تصوير الأخلاق إلا القول «الأمم ذهبوا»، نعم ذلك هو ما أصبح عليه حال مجتمعاتنا وشعوبنا التي أصبحت تفتقد الكثير من معاني الأخلاق، أصبحت مجتمعاتنا صغيرها لا يحترم كبيرها وكبيرها لا يعرف الرحمة ولا الرأفة بصغيرها!
الصدق وصلة الرحم ومساعدة المحتاجين وغيرها من مكارم الأخلاق التي نادى بها أجدادنا وقام آباؤنا بغرسها في بيئتنا، تراجعت، وللأسف أتت الرياح لتنزع تلك البذور من أرضها لتستبدلها بالكثير من بذور الحقد والحسد والغيرة لتكون البديلة في بيئتنا.
قارئة بعثت لي بشكواها للإطلاع والنصح في قضيتها، وهي امرأة غير متزوجة ليس لديها أبناء ولكن كانت تعتبر أبناء أخواتها هم أولادها، تقول المرأة في رسالتها: بعد وفاة والدتي ووالدي كانت أولى الأيام الكل يتصل بي هاتفيا ومع مرور الأشهر أصبحت الاتصالات قليلة إلى أن أصبحت معدومة وهذا لم يقتصر فقط على الاخوة والأخوات بل إن أبناءهم أيضا لا يتواصلون معها ولا يسألون عنها كما أن أعمامها وأبناءهم انقطعوا عنها ولا يتذكرونها إلا في الأعياد عندما تذهب إليهم للمعايدة عليهم.
الغريب في رسالة تلك المرأة أن أسرتها بأكملها وضعوا عذرا لهم لعدم السؤال عنها وهو أنهم عندما يتصلون بها أو يرونها لا يمتلكون إلا جملة واحدة: «انت مو مسافرة؟».
هذا هو العذر الذي فرضته عليها أسرتها لوضع سبب لعدم التواصل مع تلك المرأة بأنهم جعلوها على الدوم «مسافرة» كما لو أنها فارقت الحياة عنهم، منتظرين الموت الفعلي لتكون غادرت دنياهم بالفعل، بل المضحك المبكي في هؤلاء الأفراد ولهم من الصور الكثيرة في مجتمعاتنا بأن السيدة عندما تستمرض أو تقوم بعملية ويعلمون منها يكون الرد: «يا حافظ ليش ما قلت».
عجبا لكم وأنتم الكثير في مجتمعنا هل المريض عندما يمرض لا بد أن يضع إعلانا عن مرضه؟! لماذا لا تقومون أنتم بالسؤال والاتصال؟ حالتنا اليوم ليست بشيء جديد على مجتمع أصبح تجمعه المادة والمصالح ويفقد الكثير من الرحمة والرأفة وكما بدأنا ننهي «الأمم ذهبوا».
مسك الختام: قال أحمد شوقي:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
[email protected]