رسائل الماضي تختلف اختلافا كليا عما نقرؤه من رسائل اليوم، ففي الماضي كانت الرسالة تعد نوعا من فنون النثر القولية، عرفها العرب منذ القدم وأبدعوا بها مثلها مثل فنون النثر الأخرى إلى أن جعلوه فنا قائما بذاته له خصائصه التي تميزه عن الفنون الأخرى.
تضاربت الأقوال عن نشأة الرسالة وبداياتها فالبعض جزم بظهورها بعد الإسلام والبعض الآخر أثبت وجود فن الرسالة منذ بداية الحضارات.
ومن هنا وهناك نجد أن الرسالة مع اختلاف الحضارات وتضارب الأقوال عن نشأة ذلك الفن النثري، كانت في الماضي لها هدف وصفة وشكل أدبي مما جعل التاريخ يخلد البعض منها سواء كانت من الوصايا أو رسائل شخصية أو إدارية.
أما اليوم فأصبح فن الرسالة مهلهلا لا صفة له ولا شكل أدبيا في كتابته ولا معرفة كيفية انتقاء الكلمات لكتابة الرسالة، فقط الكل يريد أن يكتب رسالة والكل يريد أن يكون له السبق في الكتابة وهو لا يعرف ولا يعلم ما حيثيات رسالته وكيف يبدأ؟ ومتى ينتهي؟ هذا لا يقتصر فقط على رسائل الهاتف ووسائل التواصل الأخرى، بل نجد أن الخيبة حلت على أغلبية الدوائر الحكومية وأصبح الكثير لا يعرف فنية وحرفية كتابة الرسالة الإدارية التي تعد نوعا من أنواع الرسالة، والنتيجة أصبح ما يكتب في عصرنا مجرد قراءة ليست وقتية بل لحظات عابرة ومن ثم إما أن تلقى أو يصحح من أخطائها الكثير وبعد هذا لن يتذكرها ويخلدها التاريخ بل مصيرها النسيان.
ان فن كتابة الرسالة في الماضي كان يعتمد على القراءة وكم المعلومات التي يمتلكها الفرد والمجتمع في ذلك الوقت وعندما يفكر في الكتابة كان لا بد من وجود هدف للكتابة وهذا ما ينقص عصرنا: القراءة والمعلومات والهدف، مما جعل الأغلبية عندما تكتب يكون ذلك فقط من أجل ملء وقت الفراغ دون معرفة بفن النثر القولي.
مسك الختام: من بعض الرسائل الشخصية التي خلدتها كتب التاريخ وأصبح الكثير منا لا يأخذ بها ولا يطبقها إلى أن ندم:
سألت جدي ذات يوم: كيف أحتفظ بإنسان أحبه؟
فقال لي: انتبه ألا تجرحه وبالكذب لا تخدعه.
ومن الحب لا تحرمه وبالصراحة عامله وعن روحك لا تبعده.
ولا تفكر أبدا يوما أن تؤلمه ودائما يكون هدفك أن تسعده.
[email protected]