الاحترام هو سمة المجتمعات الراقية، ولكن في ذلك العصر افتقدها العديد من أفراد المجتمع إلى أن أصبحت عملة نادرة يصعب على المرء أن يجدها في ذلك الوقت.
مع تغيير البنية واختلاف الطبقات وإعطاء البعض القوة من خلال النفوذ نجد في المقابل اختفاء صفة الاحترام ظنا ممن يمتلكون تلك النفوذ وهم كثيرون في مجتمعاتنا أن الاحترام صفة الضعفاء وأن من يريد البقاء لا بد أن ينزع من قلبه وعقله معنى الاحترام للاحتفاظ بقوته والبقاء على مبدأ السيطرة!
القضية لم تصبح فقط للسيطرة بل أصبح ذلك الوباء ينتشر في مجتمعاتنا إلى أن أصبح مرضا يصعب علينا علاجه، نعم فكل من يريد السيطرة والبقاء ينزع من صفاته وشخصه كل ما يمت للاحترام بصلة لكي لا يصبح في لحظة ما ضعيفا ويبقى بقوته طالما مبدأه هو التوبيخ والتقليل من الآخر.
في أحد الأيام كنت جالسة مع أخت فاضلة في أحد الأماكن الثقافية والفكرية التي وجب أن يكون الاحترام أساس تلك التجمعات، ولكن ما رأيته من تصرفات الآخر أدركت أن المرض أصبح متفشيا في جميع أجزاء مجتمعنا! أثناء تبادلنا الحديث مع الصديقة عن الكثير من القضايا الفكرية أتى أحد مسؤولي الفكر والرأي وأخذ بالتوبيخ والصراخ وإلقاء كلمات جارحة للمرأة وما كانت ردة فعل تلك السيدة على ذلك المسؤول إلا بالقول وبصوت منخفض: «لو سمحت وطي صوتك». وللأسف لم يسمع لها ولم يحترم أنها امرأة ولم يحترم الشخوص الموجودين ولا المكان واستمر في الصراخ ليبقى هو أقوى.
عفوا لكل من يظن أن الصراخ وقلة التقدير هي القوة.. عفوا لكل من يظن عدم الرد ضعفا.. عفوا لكل من لا يحترم الذات البشرية من أجل البقاء.. ظنونكم خاطئة فالقوة تأتي من الصبر والتحمل والاحترام.. أما ما تظنونه هو البقاء فما هو إلا قبوركم التي تحفرونها بأيديكم للزوال من الممكن ألا يكون عاجلا ولكنه آت.. وعندما يأتي لن تجدوا من يترحم عليكم أو يرحمكم.
تلك الفئة أصبحت متواجدة ومتفشية في مجتمعاتنا ومن الصعب علاجها وتقويمها ولكن من السهل تجنبها وعدم تتبعها، فالقوة أساسها الاحترام، والاحترام أساسه البقاء، الفارس الحقيقي هو من يحترم خصمه، فلم نسمع من قبل عن محارب انتصر بالتقليل من شأن خصمه بل نجد جميع من خلدوا في التاريخ كانوا يحترمون عقليات وذاتية أعدائهم.
مسك الختام: من أشعار الإمام الشافعي:
يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
[email protected]