لست من المتزمتين ولا ممن يرفضون التمدن ولكنني متمسكة بهويتي الوطنية، في الماضي البعيد عندما كنت صغيرة كنت أرى والدي، رحمه الله، كيف كان يلزم ويعلم أخي، رحمه الله، ارتداء الدشداشة والغترة والعقال «يا حلاتها من أيام والمبخر شاعل بطيبه قبل طلعة الوالد الله يرحمه». ما كان يحدث من كلمات أكتبها لكم لا تخص منزلنا فقط بل كانت جميع بيوت الكويت يقوم الآباء والأجداد بما يقوم به والدي رحمه الله، واليوم نجد أن الأقلية ممن يلزم أبناءه على ارتداء الدشداشة وهذا لم يأت وليد مصادفة بل العملية أخذت في تدرج زمني إلى أن «ضاعت الدشداشة».
مع المدنية والتمدن والحرية والتحرر أصبحت الدشداشة تقتصر على الأعياد والمناسبات الرسمية، ومن ثم وجدنا البعض يرتدي الدشداشة دون غترة وعقال «مفرع» وبعد فترة أصبح الأبناء يرفضون ارتداء الدشداشة ويقومون بارتداء البنطلون والقميص إلى أن وصل الحال بأن أصبح البعض يذهب للجامع والجامعات وهو يرتدى «الشورت» أو «ثري كوارتر» وعندما تقوم بالتحدث معهم والنصح تكون الإجابة: حرية شخصية.
لا أعلم ما هي مفاهيم الحرية الشخصية لأنها أصبحت حاملة يعلق عليها الكثير من الأخطاء والسلوكيات السلبية، والأعجب أننا نجد بعض القنوات الإعلامية والجمعيات الحريات التي تريد مسح الهوية الوطنية تدافع عن تلك الأخطاء باسم الحرية الشخصية، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الحرية الشخصية تقوم على حريات الآخرين؟ هل الحرية الشخصية زرع شيطاني لا أساس له ينبع منه؟
في الماضي، كان لكل فرد في مجتمعنا حرية شخصية بل كان آباؤنا وأجدادنا يصقلون أبناءهم ليصبح لكل منهم شخصية منفردة ومع هذا كان الجميع يحترم ويعشق ويتفاخر بارتداء لباسه الوطني في المحافل العالمية والإعلامية والعلمية، لم أر ولم أسمع عن العديد ممن كانت لهم بصمة في بناء حضارة الكويت كان يذهبون لجامعتهم وعملهم وهم يرتدون «شورت»، قد يقول البعض بعد قراءة كلماتي هل الهوية الوطنية مرتبطة بالزي الوطني؟ نعم لأن ارتداء الدشداشة والغترة والعقال رمز الهوية الوطنية ولكن شنقول غير «الدشداشة ضاعت».
مسك الختام: حرية الفرد لا تكمن في أنه يستطيع أن يفعل ما يريد، بل في أنه لا يجب عليه أن يفعل ما لا يريد.... جان جاك روسو.
[email protected]