نعم نحن نعيش في دوائر مغلقة قمنا بصنعها لأنفسنا وأصبحنا نحيا في دوائر مغلقة مع العلم أن هذه الدوائر من الممكن أن تكون مفتوحة، ولكننا أصبحنا مجتمعا يعشق الانغلاق والجدال ولا يريد الانفتاح والهدوء، أصبحنا نعشق العيش في دوائر تقفل علينا والمضحك أن مفاتيح هذه الدوائر في أيدينا، ومن خلال هذه الدوائر المغلقة أصبحنا نضع أنفسنا بداخلها ونقفل علينا أبوابها كما لو أننا لا نريد أن نفكر في المستقبل أو الحاضر، أصبحنا كالتوابيت الفرعونية للمشاهدة فقط والحديث عن تاريخها، وهذا ما يحدث الآن فقط الحديث عن ماضينا وتاريخ أجدادنا ولكن أين نحن؟ محلك سر.
وهذه الحالة المغلقة التي نعيشها دون منفس واحد للإنسان يشعره بالأمل، تذكرني بقصة قرأتها حدثت أحداثها ابان عهد لويس الرابع عشر ـ يحكى أن أحد السجناء في عصر لويس الرابع عشر كان محكوما عليه بالإعدام وكان مسجونا في القلعة، هذا السجين لم يتبق على موعد إعدامه سوى ليلة واحدة، وفي هذه الليلة فوجئ السجين بفتح الزنزانة ودخول لويس الرابع عشر عليه مع حرسه ليقول له: «أعطيك فرصة ان نجحت في استغلالها فبإمكانك أن تنجو»، فقال السجين: «ما هي؟»، أجاب عليه لويس «هناك مخرج موجود في جناحك بدون حراسة، إن تمكنت من العثور عليه يمكنك الخروج وإن لم تتمكن فإن الحراس سيأتون غدا مع شروق الشمس لأخذك لحكم الإعدام».
غادر الحراس الزنزانة مع لويس الرابع عشر تاركين المسجون بمفرده بعدما فكوا سلاسله ليبدأ محاولة البحث عن حريته، وأخذ السجين في البحث عن ذلك الباب الذي هو باب الحياة له، وراح يفتش في كل أرجاء القلعة ليجد هذا الباب، وفي كل مرة يكتشف أملا جديدا ينتهي بالفشل، فمرة ينتهي إلى نافذة حديدية ومرة إلى سرداب طويل ذي تعرجات لا نهاية لها ليجد السرداب أعاده للزنزانة نفسها وهكذا ظل السجين طوال الليل يلهث ويبحث ولكن كانت كل محاولاته فاشلة، وأخيرا انقضت ليلة السجين كلها ولاحت الشمس من خلال النافذة ووجد وجه الملك لويس يطل عليه من الباب ويقول له: «أراك مازلت هنا»، قال له السجين: «كنت أتوقع أنك صادق معي وأنه بالفعل يوجد باب يمكنني الخروج منه ولكن ما وجدته كلها دوائر مغلقة، كلما أبدأ من نقطة تنتهي بي من حيث بدأت»، وهنا ضحك الملك لويس وقال: «لقد كان باب زنزانتك مفتوحا وغير مغلق».
وعليه نجد أن كثيرا منا يعيش حياة ذلك السجين بالرغم من أن القيادة السياسية أعطت الكثير من الحريات والثقة لنقدر أن نخرج من سجوننا ودوائرنا المغلقة، ولكن للأسف البعض منا لا يقوم باستخدام العقل يكتفي فقط باستخدام الحديث الذي لا يفيد ولا يعني ان الصمت يفضل على الكلام، فإلى متى نتكلم ولا نعمل؟ إلى متى نعيش في دوائر قمنا برسمها لأنفسنا؟ نرسم ونتكلم ولكن لا نعمل ولا نفعل، أصبحنا مجتمعا سجينا داخل دوائر مغلقة.
كلمة وما تنرد:
إلى كل من يعمل في الجهاز الأمني للدولة عليكم أن تتذكروا دستور الكويت أثناء معاملتكم مع الشباب وأخص المادة 31 والتي تنص على «لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة».
[email protected]