قانون الجنسية في كل البلاد يعتبر من اهم القوانين وابعدها اثرا، فهو الذي يرسم حدود الوطن ويميز بين المواطن والاجنبي، والبلد الذي ليس له قانون تنظيم جنسية مواطنيه يعوزه مقوم من اهم مقوماته ـ ومن اجل ذلك كان امرا جوهريا ان يكون على رأس التشريعات التي تصدرها حكومة الكويت قانون الجنسية ـ والقانون الحالي رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية المعدل يعتبر اول تشريع ينظم الجنسية الكويتية.
الشخص الذي يحمل اكثر من جنسية يفقد الجنسية الكويتية فور اكتسابه مختارا جنسية اخرى، وهذا ما سطرته المادة 11 من قانون الجنسية والمستبدل بالقانون 100 لسنة 1980 بنصها «يفقد الكويتي الجنسية اذا تجنس مختارا بجنسية احدى الدول دون الحاجة الى استصدار قرار او مرسوم، وذلك بعكس سحب الجنسية او اسقاطها لأنهما لا يتمان الا بمرسوم يصدر بذلك بناء على عرض وزير الداخلية»، فالعبرة هنا ان تتجه نية الكويتي ورغبته واختياره وهو علم الى كسب الجنسية الاجنبية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هدف ذلك الشخص من حمل الجنسيتين او اكثر؟ لا شك هي الاستفادة في المعاملة والحقوق كمواطن في الكويت وكمواطن في دولة اخرى على خلاف الحقيقة وهو ما يدعونا الى التنبيه، لأن هذا الفعل من المزدوج يعد تزويرا في المحررات الرسمية، فالتزوير هو كذب مكتوب، ولا يتصور وقوعه الا بابدال الحقيقة على ما يخالفها، فالتزوير اساسه الكذب وليس كل كذب صالحا لأن يكون تزويرا معاقبا عليه انما الذي يعاقبه القانون في التزوير هو الاخلال بالثقة العامة التي هي من مستلزمات الدليل الكتابي الذي اصبح روح التعامل بين الناس، فالبين انه بمجرد اكساب المتهم (المزدوج) لأي جنسية اخرى واقراره امام اي جهة رسمية انه كويتي، ثم يثبت بعد التحقيق والتحري انه يحمل جنسية اخرى او جنسيات اخرى، فإنه بهذا يعد مرتكبا تزويرا في محررات رسمية والمؤثم بالمادة 261 من قانون الجزاء الكويتي وليس المادة 257، قد جرى نص المادة الاولى على «كل من استعمل محررا فقد قوته القانونية سواء كان ذلك بابطاله او بالغائه او بوقف اثره او بانتهاء هذا الاثر وكان عالما بذلك وقاصدا الايهام بأن المحرر لايزال حافظا لقوته القانونية يعاقب بالعقوبة التي توقع لو كان ارتكب تزويرا في محرر».
فلا شك ان المزدوج فقد جنسيته الكويتية بقوة القانون فور اكتسابه الجنسية الاخرى لأي سبب كان، فاذا احتفظ بهويته الكويتية واستخدمها مع السلطات المختلفة بالبلاد وكان عالما ان تلك الهوية فقدت قوتها القانونية ومع هذا استعملها في معاملاته الرسمية بالبلاد، الامر الذي يعد مرتكبا لجريمة التزوير المعاقب عليها وفق المادة 261 من قانون الجزاء الكويتي والتي تعتبر جناية معاقبا عليها بعقوبة تزيد على ثلاث سنوات حبسا.
ولا شك ان فعله هذا رتب ضررا عاما واجتماعيا جديرا بالحماية القانونية الواجبة الاحترام.
استرداد الجنسية الكويتية
وبعد هذا العرض القانوني لما اثاره مزدوجو الجنسية من افعال اجرامية، اود الاشارة الى ان القانون افسح المجال لمن فقد جنسيته في الحالة سالفة الذكر لكي يستردها ان يتخلى عن جنسيته الاجنبية وان يعلن وزير الداخلية برغبته هذه، ويكفي بالتخلي عن الجنسية الاجنبية مجرد اخطار الجهات المختصة في البلد الاجنبية بعزمه على هذا التخلي دون انتظار موافقة تلك الجهة على طلبه بل ان هذا الاخطار ينتج اثره حتى ولو لم يفقد الجنسية الاجنبية فعلا، فضلا عن ضرورة اقامته اقامة مشروعة في الكويت لمدة سنة على الاقل، وهذا ما نصت عليه الفقرة الاخيرة من المادة 11 من القانون 15 لسنة 1959 بشأن الجنسية المستبدلة بقانون 100 لسنة 1980 والتي جاء نصها «يجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الداخلية اعادة الجنسية الكويتية لمن فقدها طبقا للفقرة السابقة اذا اقام في الكويت اقامة مشروعه لمدة سنة على الاقل وطلب العودة الى الجنسية الكويتية وتخلى عن الجنسية الاجنبية، وفي هذه الحالة يعتبر مستردا للجنسية الكويتية من تاريخ موافقة مجلس الوزراء»، اي ان استرداد الجنسية يتم ايضا بقوة القانون بمجرد طلب ذلك وتوافرت الشروط المطلوبة كما سلف ذكرها دون حاجة لاستصدار مرسوم او اقرار بذلك، انما الاسترداد ينتج اثره من تاريخ موافقة مجلس الوزراء بعد عرض وزير الداخلية اعادة الجنسية لمن فقدها، ولعلي في النهاية اشير الى ان نص المادة 11 من قانون الجنسية واضح ولا يحتاج الى تفسير ويجب اعماله على كل مزدوج الجنسية لأن ذلك فيه مساس بوحدتنا الوطنية، فالجنسية الكويتية امانة ويجب توريثها لاجيالنا القادمة ونســـعى الى ذلك، فهي امانة تربى عليها اجدادنا من قبــلنا والذين ساهموا في بناء كويتنا الحبيبة وقدموا ارواحهم للدفاع عنها، ونأتي اليوم ونهدم ما بناه آباؤنا واجدادنا الذين عاشوا كويتيين وماتــوا وهم كويتــيون ودعوني اذكرهم بمقولة صاحب السمو الامير، حفظه الله ورعاه، «الكويت لمن احبها واخلص العمل لاجلها واوفى بالانتماء والولاء لها».