الجريمة هي سلوك إنساني يحدث في المجتمع اضطرابا هذا الإضطراب قد يكون فعلا أو امتناعا يخرق قواعد الضبط الاجتماعي، وصاحب هذا الفعل أو الامتناع هو الإنسان، انه الفرد الذي سلك مسلكا لا اجتماعيا أو أخلاقيا بارتكابه جرما يعاقب عليه القانون، فهو الإنسان الخارج عن قواعد الضبط الاجتماعي وسلوكيات الدولة المتواجد بها – وبما أن المجتمع يتطور دوما فان تطوره وتغيره أدى إلى تغيير في طبيعة الجريمة وذلك تبعا لتغير تركيبة السكان، والمتتبع للجرائم المرتكبة يستبين ظهور أنماط من الجرائم أصبحت دخيلة على مجتمعنا نتيجة دخول أجناس وهم وافدون للبلاد للعمل إلا انهم بدلا من تقديس عملهم الذي أتوا من أجله سعوا في الارض فسادا مستبيحين العمل الحرام والجريمة للحصول على الربح الفوري حتى ولو كان ذلك على أكتاف المواطنين الشرفاء، الأمر الذي أوقعهم في براثن الجريمة، وانني من متابعتي للأحداث الداخلية في البلاد لاحظت أنماطا من تلك الجرائم تلك الشبيهة بالابتكار الأوروبي والمنقول عنها... ولعل ما أدهشني من ذلك ما قرأته في جريدة «الأنباء» بعددها 12326 في 13/7/2010 أن عدة بلاغات وردت للمباحث الجنائية تفيد بأن عدة وافدين ومواطنين يقولون انهم يتلقون اتصالات من شركات الكترونية ويتم ابلاغهم أنهم قاموا بشراء أجهزة بالآلاف وتطالبهم الشركات بدفع قيمة ما اشتروه رغم أنهم لم يشتروا أيا من الأغراض تلك، الأمر الذي على أساسه اصدر مدير مباحث الأحمدي قراره بعمل التحريات اللازمة للوقوف على حقيقة تلك البلاغات ودلت التحريات على ان ثلاثة وافدين هم وراء توريط المواطنين ووافدين في بضائع بعشرات الآلاف وتم القبض على المتهمين تباعا وبالتحقيق معهم ومواجهتهم بما أسفرت عنه التحريات اعترفوا بأنهم مارسوا نشاطهم الإجرامي قبل نحو عام وأنهم قاموا بتزوير البطاقات المدنية من واقع صور لبطاقات مدنية حصلوا عليها ومن ثم يقومون بشراء بضائع بها مستغلين العروض المغرية لبعض الشركات التي تقوم بعرض بضائعها بدون مقدم ثم يعيدون بيع تلك البضائع بأسعار مخفضة وأنهم تمكنوا بهذه الطريقة من توريط مواطنين ووافدين في مبالغ مالية تجاوزت 100 ألف دينار وبعد سرد هذه الواقعة التي استباح فيها هؤلاء الوافدون المال الحرام مستغلين تدافع الشركات على البيع بدون مراعاة الأصول الواجبة فكانت اختراعاتهم الإجرامية للحصول على المال، فان المنظار القانوني لهذه الواقعة المليئة بالجرائم يفرض نفسه على الواقع العملي فقانون الجزاء الكويتي في مادته 231 من قانون الجزاء عاقب على النصب وذلك بان استعمل المتهمون التدليس بانتحالهم صفة أشخاص غير حقيقيين من واقع بطاقتهم المزورة التي زوروها وتوصلوا بهذه الطريقة إلى الاستيلاء على بضائع من الشركات الالكترونية دون دفع ثمنها وإعادة بيعها لتحقيق ربح لهم وهو ما استتبع تحميل المواطنين أصحاب البطاقات الصحيحة بقيمة دين البضائع على خلاف الحقيقة – وهو ما جعل المشرع الجزائي يفرد لها عقوبة هي الحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات – فضلا عن ارتكاب المتهمين لجريمة التزوير بالاصطناع في البطاقات المدنية والمؤثمة بالمادة 257، والمادة 260 من قانون الجزاء واستعمالها بأن قدموها لشركات الالكترونيات وشراء بضائع منها بمقتضى تلك البطاقات وهو ما أفرد له المشرع الكويتي عقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته ثلاث سنوات – فضلا عما أورده المشرع الكويتي في مادته 79/2 من قانون الجزاء وهي التي تنص على إبعاد الأجنبي بعد تنفيذه العقوبة الذي قضي عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة – ولا شك أن ما ارتكبه الوافدان هو جريمة نصب وتزوير وكلتاهما من الجرائم المخلة بالشرف، الأمر الذي تعين معه ابعادهما وجوبيا عن البلاد يعد تنفيذهما للعقوبة المحكوم بها، وبهذه المناسبة أنبه الشركات التي دائما يغيب عن نظرها وهي في حالة تنافس شديد وتسابق فيما بينها بالسعي لتصريف أكبر قدر ممكن من بضائعها في السوق بل إغراقه بالبضائع أملا في توسيع سيطرتها ونشر ماركاتها ووكالاتها المسوقة من طرفها.. وترك عمليات فن تحصيل الثمن بأساليب أخرى متناسية أن هذه الأفعال تضر اقتصاد البلاد وعلى المدى البعيد تضر بنفسها لأنها جزء من هذا الاقتصاد كما انها ستفقد ثقة المستهلك في قيمة بضائعها لأن المتحصلون عليها بالنصب والتزوير يريدون التخلص من هذه البضاعة بأي ثمن مما يخلق تذبذبا كبيرا في السعر بعد الثقة كما يهيئ لضعاف النفوس والمجرمين سلوك طريق الاجرام لأنه وبلا شك لو شددت الشركات ودفعت قليلا في اجراءات البيع فان هذا سوف يبعد المتلاعبين ويقلع هذه الجريمة من جذورها بل سيخوف ويروع من تسول له نفسه ارتكاب أي فعل غير قانوني ودخيل على المجتمع لأنه يعرف انه سيكشف ويعاقب.
www.riyad-center.com