منذ بدء الخليقة، وسقوط أول شعاع شمسي على الأرض، وهناك صراع بين الخير والشر بين الإصلاح والإفساد، فمنح الله الإنسان العقل لعمارة الأرض واستغلاله في جلب المنافع ودرء المفاسد لأفراد المجتمع الذي يعيش فيه، ليكون عقل وذكاء الإنسان أداة لمعركة بين الخير المتمثل في تقدم البلاد والسعي نحو مستقبل أفضل وبين الشر المتمثل في نشر الجرائم داخل المجتمع باستخدام هذه المنحة للاحتيال على أفراد المجتمع باستخدام الطرق الاحتيالية بإيهام الناس بأمور كاذبة منافية للواقع مستغلا كل الإمكانات لتحقيق هذا الإيهام والنصب على أفراد المجتمع تحت شعار «الغاية تبرر الوسيلة» لتكون الغاية بأخذ أموال الناس بالباطل ودون وجه حق مستخدما كل الوسائل من حاجة الناس وسعيهم نحو الأفضل، دون أن يعبأ بألم الناس ولا بكم الأضرار التي قد تلحق بهم وتصيبهم من جراء هذا النصب والإيهام الواقع بهم، ليخرق النظام الاجتماعي القائم على مساعدة الناس لا الاحتيال عليهم تاركا كل القيم والمبادئ وضاربا بها عرض الحائط، متجاهلا وجود نظام قانوني يعاقب على جرائم المجتمع، ليكون كل فكره هو المال وكيفية تحصيله، وهذا الحديث بمناسبة ما طالعتنا به جريدة الوطن يوم الاثنين 10/9/2013 تحت عنوان «نصابان ينتحلان تمثيل شركة إلكترونيات ويبتزان المواطنين والمقيمين» لتروي واقعة «تقدم عدد من المواطنين بشكاوى وقضايا إلى مباحث مبارك الكبير «قسم العدان» عن تعرضهم إلى عملية نصب من قبل وافدين أثناء اتصالهما على مجموعة من الأرقام بطريقة عشوائية والادعاء بأنهما يمثلان احدى الشركات الالكترونية المعروفة وأنها تتقدم بعروض خاصة لأصحاب هذه الأرقام التي تم اختيارها بطريقة عشوائية وعند الذهاب للقاء هذين النصابين ودفع مبلغ 50 دينارا واستلام الهاتف وبعد الانصراف يفاجأون بأن هذه الهواتف من صناعة سيئة جدا وعند اتصالهم على الوافدين يفاجأون بأن هاتفيهما مغلقان ما دفعهم للذهاب للشركة التي نفت إي علاقة بهما».
ومن الأهمية أن نبين المنظور القانوني لتلك الواقعة التي تشكل جريمة نصب يعاقب عليها قانون الجزاء الكويتي رقم 16 لسنة 1960 في المواد231، 232، حيث ينص القانون في المادة(231) «يعد نصبا كل تدليس قصد به فاعله إيقاع شخص في الغلط أو بإبقائه في الغلط الذي كان واقعا فيه، لحمله على تسليم مال في حيازته وترتب عليه تسليم المال للفاعل أو لغيره، سواء كان التدليس بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة.
ويعد تدليسا استعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود واقعة غير موجودة، أو إخفاء واقعة موجودة، أو تشويه حقيقة الواقعة، وذلك كالإيهام بوجود مشروع كاذب أو تغيير حقيقة هذا المشروع أو إخفاء وجوده، أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي، أو إيجاد سند دين لا حقيقة له أو إخفاء سند دين موجود، أو التصرف في مال لا يملك المتصرف حق التصرف فيه، أو اتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة».
وتنص المادة(232) «يعاقب على النصب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين»..
لتشكل تلك الواقعة جريمة هي في المقام الأول جريمة أخلاقية، ذلك بانحراف سلوك هؤلاء الجناة عن السلوك القويم والمعتدل الذي يرفض الضرر بالآخرين، لنحذر المجتمع لكيلا يقع فريسة سهلة في ايدي هؤلاء المجرمين، ليستيقظ وينتبه المجتمع لهؤلاء حتى لا يستسلم لفكرهم وذكائهم العقلي في ارتكاب عمليات نصب جديدة تحت أي ذرائع ومسميات، ليعلم ان هؤلاء يتربصون بالمجتمع لإيقاعه في شركهم، لتتخذ الدولة كل الوسائل لتوعية أفراد المجتمع بطرق هؤلاء في عمليات النصب حتى لا يتجرع أفراده مرارة نصبهم، بجانب تطبيق أقصى عقوبات قانون الجزاء حتى لا يعبث احد بالنظام الاجتماعي والأخلاقي داخل المجتمع، فلا يتجرأ على ارتكاب مثل تلك الجرائم ليعيش المجتمع في سلام وأمن.