حتى وقتنا هذا لم أتمكن من فهم العقلية الحكومية أو من يرسم خططها واستراتيجياتها حول التخطيط العمراني وتحديد مواقع المباني الحكومية وتصميمها وتقوقعها في مكان واحد، والذي يثبت أنه ليس هناك ثمة تطور في العقلية الحالية للحكومة عن تلك التي بنت مجمع الوزارات قبل ثلاثة عقود ونيف، بل اننا نظلم العقلية التي بنت مجمع الوزارات في الزمن الماضي إذا ما قارناها بتلك التي تخطط للمشاريع الحالية لاختلاف الظروف والمعطيات في الزمنين كزحمة المواصلات وعدد السكان وحجم التوسع العمراني، ففكرة مجمع الوزارات كانت من أجل التسهيل على المراجعين في إنجاز معاملاتهم في مكان واحد خاصة مع قلة عدد السيارات وصعوبة المواصلات في ذلك الوقت، أما في وقتنا الحالي فقد تطورت الفكرة وصولا للحكومة مول في مختلف المحافظات لتحل محل مجمع الوزارات، ولكن بصورة مصغرة إلا أن الحكومة ما زالت أسيرة فكرها القديم في حصر الوزارات والإدارات الحكومية في موقع واحد خاشية عليها من الشعور بالوحدة لتستأنس كل واحدة بالأخرى مسببة بذلك زحمة للمواطنين وعرقلة للسير كما هو الحال في جنوب السرة أو منطقة الشويخ الإدارية بعد أن اكتظتا بالمباني الحكومية، الأمر الذي يؤكد أن حكومتنا أو من يرسم خطتها مازال يفكر بعقلية المراسلات الورقية والمراسلين بين الوزارات، في حين أن العالم كله بما فيه دول الخليج كافة بات يتعامل بالمراسلات الإلكترونية، ولم يعد هناك حاجة للورق أو المراسلين إلا في أضيق الحدود.
ومن آخر تلك الكوارث الحكومية المقر الرئيسي لمبنى ديوان عام وزارة التربية الذي افتتح مؤخرا في منطقة جنوب السرة ليبهرك بمنظره خارجيا ويبكيك بمخبره داخليا، فالمبنى لا يمكنه استيعاب جميع إدارات وزارة التربية، بالإضافة إلى أن مواقف السيارات لا تكفي لعدد الموظفين، فما بالك بالمراجعين الذين يعانون الأمرين في الوصول إلى موقع المبنى المحشور حشرا بين المباني في تلك الرقعة.
ومن الأمور المزعجة أيضا وجود تلك البوابات الإلكترونية التي لا تفتح إلا للموظفين مما يجعل المراجعين يقفون متكدسين عندها تحسبا لمرور أي موظف للدخول معه، وكأن المبنى مصمم على عدم استقبال المراجعين، مع العلم أن وزارة التربية تكاد تفوق ديوان الخدمة المدنية في عدد المراجعين، هذا بغض النظر عن عدم وجود شبكة تغطية للأجهزة النقالة وعدم جاهزية المبنى من ناحية النظافة والصيانة ووجود الأتربة على السلالم الإلكترونية والأرضيات، الأمر الذي يجعلك تخرج منه أشعث أغبر في نهاية اليوم وفي معظم الأحوال لم تنه معاملتك.
والسؤال: هل قامت وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة الأشغال لتحديد احتياجاتها قبل تصميم وتنفيذ المشروع أم لا؟ وفي كلتا الحالتين مصيبة.
٭ رحم الله الشيخ أحمد الجربا: فقدت الكويت الأيام الماضية الشيخ أحمد المشعان الفيصل الجربا شيخ قبيلة شمر العريقة في الكويت، رحم الله الشيخ أحمد الذي عرف بحسن خلقه ودماثة طبعه وأسكنه فسيح جناته، كما نعزي أنفسنا قبل أن نعزي فيه الكويت عامة والطنايا خاصة.
al7armal@twitter
[email protected]